مدونة التراث أكادير : افتتاح الموقع الرسمي انتظروا منا الأفظل والأجمل والأرقى إنشاء الله www.igoudar-ibnouzohr.ma(مع تحياتي المشرف العام عبد الغني أيت الفقير)

راديو إيكودار24ساعة 7 أيام

راديو إيكودار()() تحية طيبة لكل متتبعي راديو إيكودار الأربعاء 06 نونبر2013 سنة هجرية سعيدة وتحية طيبة من الطاقم التقني لراديو إيكودار

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

استعمال الوثيقة في درس التاريخ بين الهاجس البيداغوجي والهاجس الابستمولوجي بقلم / خاليد فؤاد طحطح

           "إن التاريخ يتم بالوثائق"  هذه المقولة لشارل لنكوا وشارل سينوبوس مقولة صحيحة , لكنها تفرض ضرورة تحديد مفهوم الوثيقة أو المصدر , فماذا نقصد بالوثيقة ؟ إن القاموس يعرف الوثيقة بكونها مصدر كل خبر, إنها حجة وشاهدة على وقوع الحدث.
في الماضي كان المصدر التاريخي لا يخرج عن دائرة الوثائق المكتوبة وبقايا الآثار, لكن مع مرور الزمن اتسعت لائحة المصادر التاريخية , وتعاملت المدرسة الوضعية مع الوثيقة باعتبارها :
_ الوسيلة التي تطلعنا على الماضي .
_ الأداة التي يعمل بها المؤرخ.
_ الحجة على أن التاريخ علم , فالكشف عن الوثائق يعني معرفة الحقيقة التاريخية .
وقد وضع لأنجلو وسينوبوس في كتابةما "مدخل للدراسات التاريخية " قواعد لاستغلال الوثيقة ، وأهمها التحليل الاستقرائي للوثيقة عن طريق اتباع الخطوات التالية :
1_البحث عن الوثائق وتصنيفها مع الاستعانة بالعلوم المساعدة (الفيلولوجيا:علم اللغة) الباليوغرافيا(علم قراءة النصوص القديمة) والاركيولوجيا والأيكرافيا (علم النقوش), لذلك فعلى المؤرخ أن يكون موسوعي الثقافة متخصصا عارفا بالعلوم المتصلة بالتاريخ .
2_مرحلة النقد الخارجي , هل الوثيقة صحيحة ؟ ما مصدرها ؟ من مؤلفها : أي التحقق من صدق الوثيقة .
3_ مرحلة التصنيف والترتيب المنهجي للمعلومات التي تتناولها الوثيقة.
4_ مرحلة النقد الداخلي للوثيقة ، أي استخراج الحقائق التاريخية عن طريق التحليل الاستقرائي لمضمون الوثيقة.
إن هذه الطريقة في معالجة الوثائق التاريخية حظيت بشهرة واسعة وما تزال ، إلا أن مدرسة الحوليات أعادت النظر في هذه المنهجية محققة قفزة ابستمولوجية مهمة , حيث أعاد النظر في مفهوم الوثيقة نفسه ، فقد أكد لوسيان فيبر "أن التاريخ يعتمد على الوثائق المكتوبة , هذا أمر لا ريب فيه , غير أنه يمكن القيام بالتأريخ اعتمادا على ما تسمح به عبقرية المؤرخ وبراعته ، على الكلمات , الرموز, ملاحظة الحقول والمناظر الريفية والطوب , وتحليل الأدوات الفلاحية , وفحص الأحجار ,...
      بكل هذا يستطيع المؤرخ سبر أغوار الماضي , وهذا يتوقف على ذكاء المؤرخ وسعة ثقافته , مع مدرسة الحوليات ..
إذن اتسع مفهوم الوثيقة واتسعت معه لائحة المصادر ، وازدادت اتساعا , فحتى الأساطير والتمثلات والفلكلور والعادات والتقاليد تم الاستفادة منها في البحث التاريخي .
المصادر التاريخية هي نتاج عملية بناء
       يجب التأكيد أن الوثائق المكتوبة والمذكرات والنصوص والشهادات الشفوية , كل هذه الآثار هي نتاج عملية بناء , أي أن هذه المصادر مبنية من لدن أناس في الماضي , يقوم المؤرخ اليوم بدوره بعملية إعادة بناء تلك الأحداث بطريقة مشابهة مغايرة , وهذا هو صلب الاختلاف بين المدارس التاريخية , فإذا كان المؤرخون الوضعانيون ينطلقون من الوثيقة " تحقق أولا من وقائعك ، ثم قم باستخلاص نتائجك منها " فإن المؤرخين الحاليين هم الذين يضفون صفة الوثيقة على هذا المصدر أو ذاك , فرضياته وتساؤلاته هي التي تجعله يحتفظ بنوع من الوثائق كي يثبت أو يلغي فرضياته , فهو لا يحشر نفسه في موقف استقرائي "إخراج الأحداث والحقائق من الوثيقة "وهو بهذا يدخل ضمن منهجية تعتمد الإشكالية كأساس للبحث ..
      ولعل هذا ما قصده هنري مارو بقوله : 'إن الوثيقة غير موجودة في حد ذاتها بشكل سابق عن تدخل المؤرخ ، كما إن البروفيسور أوكشوت عبر عن ذلك بصراحة أكثر فقال : "التاريخ هو تجربة المؤرخ , إنه ليس من صنع أحد سوى المؤرخ ، وكتابة التاريخ هي الوسيلة الوحيدة لصنعه".
ومن هنا نستنتج أن الوثيقة ليست تلك المادة الجامدة التي يحاول المؤرخ الوصول من خلالها إلى ما تم بالفعل في الماضي (وهو تمثل التلاميذ) أي أنه لا يمكن إدراك الماضي كما كان ، بل كما نتوهم أنه كان ، وبالتالي فالمؤرخ يقوم باعادة بناء الأحداث والوقائع من منظوره الخاص ، فالتاريخ إذن هو عملية بناء (اجمع وثائقك أولا ، ثم قم بتحليلها ، وأقحم نفسك في خطر رمال التفسير والتأويل عن طريق جمع الوثائق والعمل على توزيعها وتنظيمها وترتيبها ، وفرز الملائم من غير الملائم ، ثم يقوم بطبخها ، ومن ثم يقدمها بالأسلوب الذي يروق له)
       يتضح لنا الآن أنه لا يمكن كتابة التاريخ كما تم بالفعل ،لأنه يبقى دائما مجالا خصبا للقول كلما بقيت الحياة مجالا للاكتشاف ، وكلما بقي الفكر قادرا على البحث والاستقصاء ، كما نخلص أيضا إلى أن المؤرخين أدركوا اليوم أنه إذا أمكن اعتبار كل أثر للماضي البشري مصدرا فإن هذا المصدر ليس معطى.
          وقبل أن نتناول موضوع الاستعمال المدرسي للوثيقة التاريخية أشير إلى بعض الصعوبات التي تقف في وجه التعامل مع الوثيقة ، وألخصها فيما يلي
_ غياب وثائق مكتوبة في الماضي السحيق (عصر ما قبل التاريخ)
_ صعوبة التعامل مع وثائق القرون الوسطى لأنها محفوفة بالمخاطر ، فمعظمها طمست تحت تاثير حزازات سياسية أو خلافات مذهبية أو بدافع الكراهية والتعصب ، فلم تصلنا إلا القلة القليلة من الوثائق التي تم نسخها عن الأصل ، وبالتالي فالوثائق نادرة .
وفي بعض الأحيان يصبح العكس هو المشكلة ، حيث تكون الوثائق كثيرة كما هو الحال عند دراسة التاريخ المعاصر ، فتحتاج هذه الوثائق إلى التدقيق العميق والتمحيص الرزين، وعلى ذلك نؤكد مرة أخرى أن اختيار الوثائق القابلة للاستخدام بالنسبة إلى سؤال مطروح مسبقا ليس سوى عملية بناء آلية محضة ، بل إنها فرصة لعبقرية الباحث كي يثبت مهاراته في التنقيب والتحليل والتفسير _ وهناك صعوبة أخرى تقف أمام الباحث المؤرخ ، وحتى مع الأستاذ فيما يتعلق بدراسة تاريخ الزمن الحاضر ..
        فبقدر ما يمكن الاستفادة من الشهادات الشفوية بقدر ما نعاني من صعوبة استغلال الوثائق المكتوبة ، والتي لا توضع رهن الإشارة إلا بعد مرور عقدين من الزمن أو أكثر ، وتزداد المشكلة تعقيدا عند دراسة الأحداث المباشرة ، حيث تتعدد الأخبار وتتنوع التقارير التي تنقلها وسائل الإعلام المرئية والسمعية والمكتوبة ، فهل يمتلك الأستاذ الأدوات الكافية لقراءة الأحداث الساخنة المختلفة والمتناقضة أحيانا ، وهذه هي المفارقة الموجودة بين مؤرخ المراحل الماضية ، حيث يعرف مسبقا مآل الأوضاع ومصيرها بعد وقوع الحادثة التي يؤرخ لها ، وبالتالي يسهل عليه القيام بعملية الانتقاء والبناء والتفسير والتحليل ، أما الأستاذ الذي يتناول موضوعا معاصرا يعرف في الحقيقة أنه تحول من مدرس للتاريخ إلى مجرد صحافي متنور من الدرجة الثانية ..
الاستعمال المدرسي للوثيقة من أجل بناء درس التاريخ.
تلح التوجيهات التربوية على استعمال النصوص والوثائق التاريخية, وتقترح في هذا الإطار طريقة نختصرها فيما يلي:
_ مرحلة القراءتين (قراءة الأستاذ ثم قراءة تلميذ أو تلميذين) .
_ وضع النص في إطاره الزماني والمكاني .
_ شرح المصطلحات الصعبة (الأعلام, المفاهيم...) .
_ طرح الأسئلة بغرض تفكيك النص إلى مجموعة أفكار رئيسية أو ثانوية .
_ استنتاجات، فربط النص بالدرس.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Powered by Blogger