مدونة التراث أكادير : افتتاح الموقع الرسمي انتظروا منا الأفظل والأجمل والأرقى إنشاء الله www.igoudar-ibnouzohr.ma(مع تحياتي المشرف العام عبد الغني أيت الفقير)

راديو إيكودار24ساعة 7 أيام

راديو إيكودار()() تحية طيبة لكل متتبعي راديو إيكودار الأربعاء 06 نونبر2013 سنة هجرية سعيدة وتحية طيبة من الطاقم التقني لراديو إيكودار

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

الوثائق وأثرها في كتابة التاريخ بقلم: عبد اللطيف زكي أبو هاشم



الوثيقة وأثرها في كتابة التاريخ

"
الوثائق مادة خرساء في يد من لا يستنطقها "

بقلم : عبد اللطيف زكي أبو هاشم

مدير دائرة التوثيق والمخطوطات والآثار – وزارة الأوقاف – فلسطين


مفهوم التوثيق لغة:

في المعجم قوله: وَثُقَ يَوْثُقُ وَثَاقَة الشيء، ثبت وقوى وكان محكماً، فهو وثيق وهي وثيقة، يقال: وَثَّقَ الأمر: أحكمه، وَوَثَّقَ الرجل قال فيه أنه ثقة، ووَثُقَ الشيء وثاقةً ووثقاً، أو أوْثَقَ الشيء إيثاقاً ووثاقاً: أي شده وربطه بحبل لئلا ينفلت.

والوثائق أو الوثاق اسم الإيثاق، وهو ما يشد به الأسير، ويجمع على الوُثُق بمنزلة الرباط والرُّبط، ومنه قوله تعالى: "فشدوا الوثاق" [سورة محمد:4].

واستوثق منه: أخذ منه وثيقة، وتجمع الوثيقة على الوثائق، وهي العقود التي يسجلها الموثوقون العدول، وتدل في معناها الشامل على أثر مكتوب أو محفور ومنقوش على الرق والكاغد والنسيج والقرطاس ...الخ.

فالعلم مصدر علم وهو إدراك الشيء بحقيقته، والتوثيق مصدر وَثَّق بمعنى حكم وقوَّى وثبت، وبذلك يكون المراد من اللفظتين مجتمعتين علم التوثيق "إدراك حقيقة ما أحكم وقوى وثُبِّتَ.

مفهوم الوثائق اصطلاحاً:

تحدث عن مفهوم الوثائق الإمام (الونشريسي) بقوله: "أعلم أن علم الوثائق من أجل العلوم قدراً وأعلاه إنابة وخطراً إذ بها تَثْبُتُ الحقوق، ويتميز الحر من الرقيق، ويتوثق بها، لذا سميت معانيها وثاقاً".

التوثيق علماً: عرفه (ابن فرحون) فقال: "هي صناعة جليلة شريفة، وبضاعة عالية منيفة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية".

أما الأستاذ (عمر الجيدي) فقال عن علم التوثيق: "هو الذي ينظم سير العلاقات بين الأشخاص، ويحدد معالم التعامل بينهم طبقاً للنصوص التشريعية، واجتهادات الفقهاء، وما جرى به علم القضاة من غير إغفال عرف الناس وعاداتهم، فهو إذن علم بين عناصر كل اتفاقية معقودة بين شخصين أو عدة أشخاص يضمن استمرارها، وأثر مفعولها، ويحسم مادة النزاع بين الأطراف المتعاقدة، موضحاً لكل من العاقد له، والمعقود عليه، ما له وما عليه".

أما (حاجي خليفة) فقال: "هو علم باحث عن كيفية ثبت الأحكام الثابتة عن القاضي في الكتب والسجلات على وجه يصح ا لاحتجاج به عند انقضاء شهود الحال، قال: وبعضها من علم الإنشاء، وبعضها من الرسوم والعادات والأمور الاستحسانية.

وقد أصبح للتوثيق في وقتنا الحاضر مفهوم آخر له تعلق كبير بالمكتبات، ويعني "مجموعة العمليات والأساليب الفنية اللازمة لتوفير أقصى استخدام ممكن للمعلومات المنشورة في المطبوعات العلمية والفنية القومية منها والعالمية حتى لا ينفق الوقت والجهد والمال على بحوث سبق القيام بها في مكان ما على وجه الأرض، وتشمل هذه العمليات تقويم وجمع ونسخ (أو تصوير) وتحليل وتنظيم وخزن واسترجاع ونشر المعلومات العلمية والفنية وفق احتياجات العلماء والباحثين المختلفة.

ويعرف علم الوثائق في اللغات الأوروبية باسم "علم الديبوماتيك"، وقد اشتق ذلك الاسم منن الكلمة اليونانية (Diplom) ومعناها صحيفة مطوية، و قد سميت كذلك لأنها كانت تكتب في الأزمنة الماضية، إما على قراطيس البردي، أو قطع الرق، أو الورق عندما انتشرت صناعته في العالم، ثم تطوى الصحيفة بحيث تصير ملفوفة، وتحزم أحياناً بشريط منن الجلد أو القماش، وقد يختم على هذا الشريط حفظاً للوثيقة من العبث والتزييف.

إذن فعلم التوثيق أصبحت له معان متعددة، فهو الذي يهتم بضبط أمور الناس عن طريق الإثبات بالكتابة، وأيضاً يقوم بتنظيم المكتبات وضبطها لتسهيل البحث على الباحث، وهو من جهة أخرى ينصب حول دراسة الوثيقة، وقال الدكتور قاسم السامرائي: وهو أمر متعب لأن الدارس لهذا الفن يجمع بين عمل الآثاري في حفره وتنقيبه، وبين عمل المحقق الباحث في فك الرموز والطلاسم التي يقدمها النص.

مكانة علم التوثيق:

يحتل علم التوثيق منزلة رفيعة ومكانة كبيرة في الحياة الإنسانية لأنه يعمل على حفظ الحقوق، طبقاً للقوانين الشرعية، وبه تضبط المراكز القانونية للأشخاص والأشياء، ونورد أقوال العلماء في مكانته كالتالي:

يقول (الونشريسي) في مقدمة كتاب (المنهج الفائق) متحدثاً عن سبب تأليفه علم الوثائق مبرزاً أهميته ومكانته: "فإني لما رأيت علم الوثائق من أجل ما سكر في قرطاس، وأنفس ما وزن في قسطاس، وأشرف ما به الأموال والأعراض والدماء والفروج تستباح وتحمى، وأكبر زكاة للأعمال وأقرب رحما، وأقطع شيء تنبذ به دعاوى الفجور وترمى، وتطمس مسالكها الذميمة وتعمى".

ويقول (ابن فرحون): "هي صناعة جليلة شريفة وبضاعة عالية منيفة تحتوي على ... مجالسة الملوك والاطلاع على أمورهم وعيالهم، وبغير هذه الصناعة لا ينال أحد ذلك، ولا يسلك هذه المسالك".

ويقول (الهواري) في شرحه وثائق بناني عن علم الوثائق: فإن علم الوثائق من أجل العلوم قدراً، وأعظمها خطراً، إذ به تنضبط أمور الناس على القوانين الشرعية، وتحفظ دماؤهم وأموالهم على الضوابط المرعية.

فالتوثيق عن طريق الكتابة، يحصل في وقت لا نزاع فيه، وتقرر فيه الحقائق على طبيعتها، فعند تقديمها للقضاء، تنطق الكتابة بتلك الحقائق التي سبق إثباتها بدون غرض، أو تميز، أو خطأ أو نسيان.

والكتابة في رحاب التوثيق كفتها راجحة، ومتى كانت بعيدة عن التزوير فهي أدق أداء، وأكثر ضبطاً للواقع، ثم هي لا يرد عليها النسيان، فهي دليل هيئ مقدماً ليحيط بالواقعة المراد إثباتها إحاطة شاملة، لأنها إنما أعدت لهذه الغرض.

حظيت الوثيقة بمكانة رفيعة منذ ظهورها،، فلا يكتبها إلا عالم بأصولها وفروعها، مطلع على قواعدها وشروطها وكيفية تسطيرها وترتيبها بعداً عن اللحن وعن كل ما يمكن أن يؤدي إلى تحريف لفظها، فيتحول بذلك معناها، وتصبح باطلة فارغة من محتواها.

والوثائق تشمل الإجراءات والمراسيم والقوانين والأوامر وحسابات الأموال وغير ذلك مما ينشأ في أثناء تأدية أي عمل من أي نوع، ويرجع إليه عند البحث والدراسة، وهي تقتصر على الأعمال الحكومية، بل قد تكون وثائق لجمعيات أو لأشخاص أو لهيئات غير حكومية.

فإن كانت صادرة عن مجلس النواب فهي قانون، وإن كانت صادرة عن الجهاز القضائي فهي حكم، وإن كانت صادرة عن السلطة التنفيذية فهي قرار، ولأهميتها أصبحت لها ولاية قانونية حتى تكون بعيدة عن أيدي العابثين، برزت أهميتها في العصر الحديث، فأنشئت لها المعاهد والأقسام في كليات الجامعات والمدارس الخاصة، يقول عبد الله أحمد حقيل: (وفي العصر الحديث أصبحت الوثائق علماً يدرس ، فالعلوم الوثائقية والأرشيفية أصبحت اليوم تحتل مكانة رفيعة ..) ونظراً لهذه الأهمية، أنشئ الاتحاد الدولي للتوثيق.

FID Inte
ational rederation for documentation) )
سنة 1895م، باسم المعهد الدولي للببليوغرافيا (Inte
ational institute of bibliography)
ثم تغيير هذا الاسم سنة 1981م إلى المعهد الدولي للتوثيق، وانتهى هذا الاسم في سنة 1988م، إلى الاتحاد الدولي للتوثيق، وظهر بعد ذلك المجلس الدولي للتوثيق، وظهر بعد ذلك المجلس الدولي للتوثيق (Inte
ational counic of archives)
، ويهتم الاتحاد بتشجيع الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بمختلف جوانب التوثيق، وهذه الموضوعات تصدر عنها من وقت لآخر مقالات في جريدة الاتحاد الدولي للتوثيق الربع سنوية.

أنواع الوثائق:

تتنوع الوثائق بتنوع موضوعاتها وتعدد مجالاتها إلى وثائق شرعية، ووثائق إدارية، ووثائق قانونية، وهي تختلف عن بعضها شكلاً ومضموناً، لا من حيث إجراءاتها ولا من حيث كيفية تنفيذها.

1-
الوثائق الشرعية: وتتضمن الوثائق الشرعية عديداً من الوثائق، مثل وثائق الزواج والطلاق والحضانة والشفعة والوكالة ...الخ

2-
الوثائق الإدارية: فقد تكون عبارة عن دراسات وتقارير، أو إحصائيات، أو أدلة وفهارس، وقد تكون عبارة عن أشرطة أو أقراص ممغنطة، أو أفلام أو جذاذات، ويكون التوثيق الإداري على مستوى الإدارة، سواء كان محلياً أو جهوياً أو مركزياً، ويشمل مختلف مناحي المعرفة.

3-
الوثائق القانونية: وهي كل مادة مسجلة تحتوي على عمل قانوني أو واقعة قانونية أو العمل القانوني الذي هو محتوى الوثائق عمل إداري يراد به إحداث التزام أو تعديله أو إلغاؤه، ويمكن الفصل فيه أمام القضاء، فالوثيقة إذن لها صفة قانونية إذ يمكن أن تتخذ جحة أمام القاضي، ومثال ذلك عقود البيع والشراء والإقراض والهبة بين الأفراد أو أوامر التعيين والأوامر الإدارية التي تصدرها السلطة التنفيذية أو الهيئة الحاكمة.

الوحدات التوثيقية: هي إما مكتبات أو مراكز للتوثيق متخصصة أو متعددة التخصصات، وتتخذ شكلين اثنين:

الأول: كلاسيكي يعتمد على المعالجة اليدوية بالوسائل التالية::

أ- لفائف البردي ب-أدراج الرق ج-السجلات د-المطبوعات.

الثاني: حديث يقوم على المعالجة الآلية، ويتم ذلك عن طريق جمع الوثائق وترتيبها، وتصنيفها وفهرستها، وتسجيلها في جذيذات أو تخزينها في الحاسوب وفقاً للأنماط الدولية المعتمدة، ليسهل بالتالي البحث عنها واسترجاعها ووضعها رهن إشارة المستفيدين.

المواد الوثائقية:

لقد كان اعتماد الوثائق في القدم على الوسائل التقليدية كالرق والكاغد، والنسيج والزجاج، والخشب والحجر والجلد والجريد.

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية تعددت المواد الوثائقية المبتكرة كالآتي:

1-
التصوير الفوتوغرافي. 2-تصوير الميكروفيلم.

3-
الخرائط والرسوم. 4-أشرطة للتسجيل الصوتي.

5-
الأفلام السينمائية. 6-الشرائح.

7-
العلامات التجارية.

8-
الأرشيف الشفوي المتكامل: ويضم أقوال الشهود الذين عاصروا الأحداث التاريخية حيث أن التسجيل بالكتابة وحدها لا يمكن أن يلم بكل أطراف الحادثة التاريخية.

أهمية التوثيق وحجيته:

للتوثيق أهمية كبيرة في تنظيم سير المعاملات وإقامتها على أساس وطيد، لكشف نوايا المتعاقدين أو المتصرفين واضحة جلية في معاملاتهم، والمحافظة على المحررات التي تثبتها وصيانتها على مر الأيام، لأن إثبات التصرفات والعقود والوثائق والتصديق على التصرفات القانونية الواردة منها، والحكم بصحتها ولزومها لتكون لها الصفة الرسمية والقوة التنفيذية يكفل تحقيق الطمأنينة التامة على الحقوق، واستقرار المعاملات، وإغلاق باب الشر والمنازعات.

فوائد التوثيق:

1-
صيانة الأموال من أن تكون عرضة للضياع.

2-
قطع المنازعة بين المتعاملين.

3-
التحرز من بطلان العقود وفسادها.

4-
رفع ودفع الشك والارتياب بين المتعاملين.

شروط التوثيق:

1-
أن تكون مشتملة على تعريف المتصرف من بائع ومستأجر أو مؤجر أو مشتر.

2-
أن تكون مشتملة على تعريف المتصرف فيه من مبيع ومستأجر ومرتهن وغير ذلك.

3-
أن تكون مشتملة على تعريف الثمن في البيوع تعريفاً مانعاً من الجهالة والنزاع، إن كانت مكتوبة ببيع والكلام فيه أن يقال الثمن لا يخلو حاله، إما أن يكون موزوناً، أو مكيلاً، أو معدوداً، أو مشروعاً، أو حيواناً، أو عقاراً.

4-
أن تكون الوثيقة مراعى فيها إزالة الوهم بقدر الإمكان، احتياطاً ومنعاً لما عساه يحصل من النزاع بين المتعاملين.

5-
أن يراعى في كتابتها أن تكون حقوق المتعاملين على قرض استحقاق المبيع أو استحقاق الدار.

6-
أن يحترز فيها عن ذكر كل ما يترتب عليه فساد التصرف الذي كتبت به الوثيقة.

7-
أن تشتمل الوثيقة على ذكر ما يفيد صحة التصرف الذي كتبت به، ونفاده، ولزومه، وخلوه مما يفسده.

8-
أن تشتمل الوثيقة على ما يفيد أن المتصرف يملك هذا التصرف، وأنه صدر منه في حال نفاذ تصرفاته.

9-
أن تشتمل على شهادة الشهود على ما يصدر من التصرف الذي كتبت الوثيقة به.

10-
أن تكون الوثيقة مشتملة على تاريخ صدور التصرف.

الوظائف التوثيقية للقضاء العربي الإسلامي:

للقضاء العربي الإسلامي في العصور الوسطى عدة وظائف توثيقية وهي:

1-
تلقي المحررات وتوثيقها.

2-
وضع الصيغة التنفيذية على صور المحررات الرسمية الواجبة التفنيد.

3-
حفظ أصول العقود الموثقة.

4-
طريقة الحفظ والترتيب وإعداد الفهارس للمحررات الموثقة.

5-
إعطاء النسخ التي تطلب من المحررات الموثقة.

إجراءات التوثيق:

للتوثيق إجراءات معينة، لكي تعتبر الوثيقة موثقة توثيقاً شرعياً وهي:

أولاً: التأكد الموثق من تحرير العقد من أصل واحد وكتابته بخط واضح سهل القراءة، وليس به كشط وشطب وتحشير مشتملاً على البيانات التالية:

1-
موضوع العقد (العنوان).

2-
المتصرفون (المتعاقدون وفي عقود الإرادة المنفردة يجب أن يشتمل على المتصرف).

3-
المتصرف فيه.

4-
مستندات الملكية السابقة.

5-
كتابة المبالغ المذكورة بالأحرف وتأكيد الأسماء التي يمكن قلبها.

6-
مكان التوثيق.

7-
الاعتذار (التصحيحات).

8-
التاريخ.

9-
الموثق ووظيفته.

10-
معرفة الموثق والشاهدين للمتصرفين.

11
، 12- لم تخل الوثائق العربية في العصور الوسطى من الدلالة على الروح الدينية السائدة في ذلك العصر لأن الوثائق شاهد من شواهد هذا العصر الذي كتبت فيه، كان لابد من البدء بالبسملة في افتتاحيات الوثائق واختتامها بالحسبلة فلا تكاد تخلو وثيقة منهما إلا في القليل النادر، ويمكن اعتبارها من علامات صحة الوثيقة.

ثانياً: تلاوة العقد الذي يوثق على المتصرفين والشهود.

ثالثاً: إكمال السطور وعدم ترك فراغ فيها وذكر عدد النسخ في كل نسخة.

رابعاً: توقيع الموثق على أوراق العقد أو دروجه.

خامساً: توقيع المتعاقدين والشهود والموثق.

والمعروف أن العقد لا يكون ناقلاً للملكية إلا بعد التسجيل، ولا يمكن تقديمه للتسجيل إلا بعد تصديق الموثق على توقيعاته، وبهذا يكون التصديق على التوقيعات هو المرحلة النهائية من مراحل التوثيق.

إن الوثائق هي مادة مهمة للتأريخ والبحث، لذلك تعتبر الوثائق "خزائن التاريخ"، فهي مجمع للخبرات والتجارب التي لابد من معرفتها للسير على الطريق القويم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Powered by Blogger