المفاهيم المؤسسة للخطاب التاريخي
إعداد: ذ.عــامـر كـنـبـور
الـزمــن الــتـاريــخـي le Temps Historique
تقترن بكلمة " تاريخ "، مباشرة كلمة " ماضي "، والكلمتان معا تتضمنان كل ما ينتمي إلـى الأمس، وتوحيان بتصور معين للزمن. لذا لايمكن الحديث عن التاريخ ، بدون زمن، لأنــه لاتاريخ إلا بالزمن.
ومن خصائص الزمن، أنه نسبي في صفته ، ويتضمن ربطا بين مجموعتـين مـــن اللحظات: قبل/بعد، الماضي/الحاضر/المستقبل، كما يتضمن نوعـا مــن التوفيق بين التغير والتباث.
والزمن التاريخي هو " دفق مستمر حي وديمومة متصلة الحركة، والإنسان هو وحـده - بين الكائنات - الذي يعي الزمن والديمومة …ويقوم الزمن التاريخي على مقولات ثــــــــلاث هي : الديمومة والتغير المستمر ثم التنوع" . ويعتبره مارك بلوخ بمثابة " البلاسمـــــا التي تسبح فيها الأحداث الإجتماعية، وهوزمن دائم التبدل والإستمرارية ".
إنطلاقا مما سبق،يعتبر الزمن التاريخي جوهر عمل المؤرخ. إلا أنه، يمكن التمييز هنـا، بين اتجاهين تاريخيين أساسيين:
*- اتجاه لم يهتم بالزمن التاريخي في تأريخ الأحداث وتأطيرها نظريا ومنهجيا، معتقـدا أنه معطى بشكل مباشر، خطي ومنسجم، وبالتالي لا يمثل إلا الإطار الخارجي للممارســة التاريخية ( التاريخ الكلاسيكي وفلسفة التاريخ ).
*- اتجاه يعتبر الزمن جوهر الممارسة التاريخية، فهوغير معطى بشكل مباشر، بل يجـب إعادة بنائه وتأسيسه في أية كتابة تاريخية، قصد تحديد طبيعته ومستوياته.
ولإعادة بناء الزمن، يشتغل المؤرخ بمفاهيم خاصة: التعاقب la succession ، المدة la durée ، التزامن la simultanéité ، التغير le changement ، السببيـــة la causalité. وتتواجد هذه العناصر في كل حكي/ سرد .Récit
الــمــدة La Durée
تعني المدة لغويا " الزمن الذي يتدفق بين حدين ملحوظين لظاهرة يمثلان بداية و نهاية"، وتفيد أيضا : الوقت والحقبة والزمن و الفترة .
أما معناها في التاريخ ، فيمكن أن نتلمسه من خلال ما طرحه كل من F. BRAUDEL وعبد الله العــــــروي :
1- ف. بروديل : ميز بين ثلاثة أصناف من المدد في الزمن التاريخي ، وهي :
*- المدة القصيرة : La courte durée ،( مستوى الزمن الوقائعي )، إنه " تاريـخ تقليدي ، أو بالأحرى تاريـخ ليس ببعد الانسان ، بل ببعد الفرد…هيجان السطح، عواصف وأمواج تثيرها الأسواق بفعل حركتها ، تاريـخ بتحولات قصـيرة ، سريعة وفجائية " . ويتشخص هذا التاريخ الوقائعي ، في الحروب والأحوال التي تعيشها الشعوب في حاضــرها الآني . إن الأمر يتعلق إذن، بتاريخ عسكري و ديبلوماسي ( الاتفاقيات، المعاهدات، الحروب …).
*- المدة المتوسطة : La durée cyclique، ( مستوى الزمن ذو الايقاع البطيء ) ، إنه " ذو إيقاع تاريــخ بطيء …تاريخ تركيبي… ونقول في كلمة واحدة ،تاريخ اجتماعي يتعلق بالجماعات والتجمعات " . ويتشخص هذا التاريـــخ في أطروحة بروديل ، في محاور المواصلات البرية والبحرية ،قياس المسافات التجارية تبعا لمتوسطات سرعة السفن، حصـر بعض الأسواق، تعداد السكان وضبط توزيعهم الجغرافي …إلخ .
*- المدة الطويلة :La longue durée ، ( مستوى الزمن البنيوي ) ، ويتعلق الأمر هنا بتاريخ " الانسان في علاقتـه بالوسط الطبيعي الذي يحيط به، إنه تاريخ بطيء وشبه ثابت، من حيث سيره وتحوله، يتكون من عودات متواصلة، ومــن دورات تتكرر باستمرار " . ويتشخص هذا التاريخ شبه الثابت ، حسب بروديل، في الجبال والسكان الذين يقطنونها ، مــع عاداتهم الأصيلة وتنقلاتهم المنتظمة، والسهول والجزر …إلخ .
2- عبدالله العروي : يتناول المدة في ثلاثة مستويات، أيضا، تبعا لاهتمام كل مؤرخ بقضايا محددة، حيث يرى أن :
ü مؤرخ الدبلوماسية : يعمل بوحدة زمنية قصيرة، مدتها يوم أو ساعة .
ü مؤرخ المؤسسات : يعمل بوحدة زمنية متوسطة إلى طويلة، ومدتها قرن فأكثر .
ü مؤرخ التقنيات : يعمل بوحدة زمنية طويلة جدا، ومدتها عشرات القرون
الــكـرونـولـــوجــيــا CHRONOLOGIE
علم من العلوم المساعدة للتاريخ، تساعدنا على تحديد تواريخ الأحداث، وتمثل الزمن بواسطة سلسلات من التواريخ" Dates " والأسماء التي تبين تتابع العصور وتقسيماتها الفرعية، منذ نقطة الأصل إلى اليوم . وهكذا، فإن زمن الكرونولوجيا زمن كمي و كيفي في آن واحد.وتمثل الأنظمة الكرونولوجية،عموما، حقبا طويلة( قرون،آلاف و ملايين السنين ). وينبغي التمييز بين كرونولوجيا ومصطلح تأريــخdatation الذي يفيد تعيين تاريخ زمن معين .
ولاستيعاب مفهوم الكرونولوجيا، نورد مجموعة من المصطلحات المرتبطة بها وهي :
*- الكرونومتريا Chronometrie: يقابلها في المنهل التوقيت أو قياس الزمن، وتعني تمثيل الزمن عن طريق استعمـال اليومياتCalendriers ، وأدوات القياس مثل: الساعة الشمسية، الساعة المائية… إلخ، وزمنها كمي ( اليــوم، الأسبوع، الشهر، السنة…)
*- الكرونوغرافياChronographie : هي تمثيل الزمن عن طريق تدوين متتالي للأخبار، وتهتم بالأحداث غير العادية، في حين تهمل الأحداث العادية والمتكررة . وزمنها كيفي ولا تحتاج لليوميات ولا للعصور.
*- الكرونوزوفياChronosophie : هي مساءلة للمستقبل، تطمح إلى الوصول إلى إجابات تسمح بتمثيله، على الأقل في خطوطه العريضة، بطريقة مطابقة للواقع، وهو مصطلح عام يشمل ممارسات وأعمال شديدة الاختلاف مع مراعاة آفاقها الزمنية وأهدافها المأمولة والوسائل المستعملة للكشف عن المستقبل. ويفيد هذا المصطلح الأساس الايديولوجي للتاريخ والتحقيب .
ملحوظة :
1. تكمن أهمية الكرونولوجيا بالنسبة للتاريخ في كونها تفيد في : قياس الزمن ، وموضعة الأحداث داخل الزمن .
2. إذا كانت اليوم المرحلة التاريخية قد حددت بنوع من الدقة والتحديد، فإن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لمرحـلة ما قــبل التاريخ. وهنا كان لزاما اللجوء إلى العلوم المساعدة للتاريخ ودراسة الأركيولوجيا والحفريات والمنـحوتات باعتمــاد مناهج فيزيائية وكيميائية. ومن بين المناهج الحديثة في هذا الاطار،دراسة المواد المشعة ( الكاربون 14) التي تسمـح بالرجوع بأكثر من 20 ألف سنة .
الحــــدث الــتــاريــخــيFAIT HISTORIQUE
يشكل الحدث أحد العناصر الجوهرية في الممارسة التاريخية، وقد برز الإهتمام به كعنصر أساسي في الكتابة التاريخية، منذ أواخر القرن19، مع التيار الوضعاني الذي حاول إبعاد الطابع الفلسفي عن التاريخ، وجعله شبيها بالعلــــوم التجريبية. فالمؤرخ، عن طريق الاستقراء (عوض التجربة المخبرية ) يعيد اكتشاف وبلورة الحدث التاريخي الــذي يعتبر فريدا لا يتكرر.
وكرد فعل إزاء هذا التصور، حاولت التاريخانية إعادة الحدث التاريخي إلى الزاوية التي تدخل عليه النسبيـة، وتجعله ينبني أساسا على اختيارات فلسفية و إديولوجية ضمنية ( إرجاع الطابع الفلسفي للتاريخ ) .
أما مدرسة الحوليات ( الأنال )، التي اهتمت بالحدث و موقعه في الكتابة التاريخية، فقد تشبتت بالمنهج العلمي، غيــر أنها، عكس التيار الوضعاني، ترى أن المؤرخ يقرأ الأحداث قراءة ذاتية شخصية .
بالإضافة إلى ذلك، فالتارخانيون و"الحوليون"، تعدوا التاريخ الحكوي/ السردي، المرتبط بالسياسي لتناول جوانب أخرى مـن حياة البشر ( اقتصادية، اجتماعية ، ثقافية….).
وهكذا، فإن Paul Veyne، في تقديمه للحدث التاريخي يرى أن المؤرخ يشتغل على ووثائق، يستنبط منهـــا وقائعEvenements ويتناولها الواحدة تلو الأخرى، حسب ترتيب معين، فيتوصل إلى ما يسميه ب " مسار وقائعي". هذا المسار يندرج ضمن مجال زماني ومكاني، ويتسم بالشمولية الموضوعاتية ،بعد ذلك يخلص المؤرخ إلى الحـدث التاريخي. ومعنى هذا ، أن الحدث، من إنتاج المؤرخ. هذا المسار الوقائعي يندرج ضمن حقل الوقائـع ( به وقائـع أخرى لم يهتم بها المؤرخ في بناء مساره ) التي يؤسس منها مؤرخون آخرون مسارات أخرى تتقاطع فيما بينهـا، فتتشكل تقاطعات لمسارات تاريخية متعددة لتبرز بالتالي أهم الأحداث التي يهتم بها المؤرخون، على أن هـــــذه المسارات لاعلاقة لها بالترتيب الكرونولوجي .
والمؤرخ يشتغل بناء على تساؤلات وانطلاقا من فرضيات، وعندما يشرع في التأويل ينتج مفاهـيم وأحــداث تاريخية. ويمكن التمييز بين نوعين من الأحداث :
· أحداث كبرى تميز فترة تاريخية معينة، تبرز بسرعة بفعل تقاطعات المسارات الوقائعية ( تقاطـع المؤرخين في الحرب العالمية الأولى كحدث بارز ) .
· أحداث خفية يبرزها المؤرخ إلى الوجود.
ويسعى البحث التاريخي، باستمرار، إلى إبراز النـــوع الثاني.
و تبقى الاشارة إلى أن المؤرخين يرتبون الأحداث التاريخية في إطار زمني يشكل زمن المؤرخ.
الحدث حسب المدارس التاريخية الكبرى
المدرسة الـوضعانـية
الحدث :
- إعادة تصوير الماضي/ إحياء الأحداث التاريخية كما ّحدثت بالفعلّ بدون ربطها بأسبابها الإقتصادية والإجتماعية.
- الإهتمام بالديبلوماسية واحوال الساسة والسياسة.
المنهجية :
- ربط الأحداث التاريخية ربطا سببيا حتميا.
- التأكيد على الوثيقة، إذ لايمكن بناء أي حدث تاريخي بدون وثائق.
- الإبتعاد عن فلسفات التاريخ.
المدرسة المـاركسـيـة
الحدث:
التفاعل بين البنيتين التحتية والفوقية في سياق سيرورة.
المنهجية:
المادية الجدلية التي تركز على:
* النظرة المادية، أي أسبقية الواقع.
* قوانين الجدل أو الدياليكتيك التي تتسم ب: الوحدة والتناقض، تحول الكم إلى الكيف ثم النفي ونفي النفي.
* جهاز مفاهيمي تتعامل به مع العلوم الإجتماعية: التطور، المجتمع، الصراع الطبقي، نمط الإنتاج، قوى الإنتاج…
مدرسة الحوليات أو الأنـال
الحدث:
- لاتدرس الماضي فقط، وإنما المجتمعات المعاصرة كذلك.
- الإنتقال من عالم السياسة إلى الظاهرات الإقتصادية وافجتماعية، أي تاريخ البنيات.
المنهجية:
- نظرة سوسيولوجية: الإنسان كفرد داخل مجموعة او بنية.
- تعميق النظر في العوامل النفسية والبيولوجية.
- توسيع مفهوم الوثيقة ليشمل كل ما لديه علاقة بالإنسان.
- الإنفتاح على المدد الطويلة والإهتمام بالنشاط الإقتصادي والتنظيم الإجتماعي.
مـدرسـة التاريخ الجـديد
الحدث:
- نظرة شمولية حسب المدد:
* تاريخ المدة الطويلة: عناصر تابثة.
* تاريخ المدة المتوسطة: عناصر تتحول ببطء.
* تاريخ الزمن القصير: عناصر تتبدل بسرعة.
- الإهتمام بالمجالات الواسعة والكثل التاريخية الكبرى.
المنهجية:
- الإنطلاق من زوايا متعددة، يتدامج فيها الإقتصادي بالسياسي والثقافي والإجتماعي والحضاري والحوادثي.
- إندماج مناهج البحث التاريخي مع باقي العلوم الإنسانية الأخرى( التناهج حسب تعبير ذ.العروي) .
مــلاحــظــات عـــامـــة:
- قد يقع نوع من التداخل بين موضوع الحدث التاريخي والمنهج.
- ينبغي التمييز بين مفهوم الحدث كواقع ملموس وكتركيب نظري يؤلفه المؤرخ.
- يظل التأليف التقليدي موجودا إلى جانب التأليف المعاصر دون أن يقضي عليه.
الـتــحــقــيــب PERIODISATION
يستلزم تحديد هذا المفهوم التعريف بمعنى الحقبةPériode/، وهي وحدة زمنية متميزة تتدفق بين حدين ملحوظين لظاهرة معينة، يمثلان بداية ونهاية . وفي هذا الاطار يقول الأستاذ عبدلله العروي :" إن الحقبة التاريخية ليست فتـرة زمنية فارغة ، وإنما هي نظرية مستنبطة بعد دراسة الشواهد بواسطة التقنيات المستحدثة ".
و التحقيب في التاريخ يعني :"تقسيم التاريخ في الزمن إلى حقب متميزة، إما بالنسبة لتاريخ عالمــي مفترض ، أو بالنسبة لتاريخ حضارة ما بين ظهورها وسقوطها أو بالنسبة لتاريخ أمة أو بلد أو جماعة ".
و التحقيب ، حسب ذ.العروي ، نوعان : تحقيب عام يشمل أكبر الأحداث الأوربية ويفرض على تاريخ العالم ولو أنــه غير متفق على حدوده، وتحقيب جزئي مختلف حوله حتى في أوربا ذاتها .ويظهر أن التطور السياسي هو الأكثــر التصاقا بالتحقيب ،سواء العام أو الجزئي .
ويثير التحقيب إشكالية تحديد المعالم بين الحقب التاريخية، باعتباره عملية يقوم بها المؤرخ تبعا لمعايير معينة،ووفق تصور محدد للتاريخ وللكون عامة .فالتحقيبات تختلف حسب واضعيها، لارتباطهاالوثيق بالمناهج والمدارس التاريخية .
وفي إطار هذه الإشكالية ،أورد ذ. أحمد التوفيق ما يلي: " نجد حدود التحقيبات لا تكاد تستقر ، سواء علـى المستوى الحضاري أو على مستوى تواريخ الأدوار ، ومعنى هذا أن المؤرخين كلما تعمقوا في أبحاثهم اضطروا إلى تعديل بعض معالم التطور ،سواء كان الأمر متعلقا بالعصور الوسطى ، أو العصور الحديثة ، على الصعيد الأوربي مثلا ". وفي نفس السياق ، يقول ذ. العروي: " التحقيب مهم جدا، ولكنه في جانب آخـر ذاتي،لأن كل مؤرخ سيقسم الحقبة المعنية بطريقة مختلفة ".
ومن إهم التحقيبات الحديثة ، التحقيب الثلاثي المشهور الذي ابتكره "سيلاريوس" في القرن 17، حيث يقسم التاريـخ الأوربي إلى عصور قديمة ووسيطة وحديثة ،تفصل بينها فواصل زمنية، تعبر عن أحداث سياسية.وقد توالت ،بعد ذلك، تحقيبات متعددة تبعا لمعايير مختلفة: معيار التقسيم الثلاثي الكرونولوجي، معيار التشكيلة الاجتماعية والاقتصادية، معيار التطور التقني ثم معيار التطور الاقتصادي.
مــعـيـار التـقسـيـم الثـلاثـي
* 476 م : سقوط الإمبراطورية الرومانية. العصر القديم.
* العـــصور الوســــطــى.
* 1453 م : سقوط القسطنطينة : العصر الحديث.
مـعـيــار التشـكــيلـة الإقتصادية و الإجـتـمـاعـيـة.
*المــشــاعـة البـدائــيـــــة.
* الــعبـــوديــــــــــــة.
* الإقــــــطــــــــــاع.
* الـــرأســــمـــالـيــــة.
* الــشـيـوعــــيــــــــة.
مـعـيـار درجـة التطـور الإقتصادي
* مـرحـلة الإقتصاد الطبيــــعــي.
* مـرحـلة الإقتصاد الـنــقــــدي.
* مـرحـلـة إقـــتصاد الـقـــرض.
مـعـيـار درجـة التقدم التكنولوجـــي
* مـرحـلة الهــــمــجـيـــة.
* مـرحـلـة البـــربـــريـــة.
* مـرحـلـة الـحـضــــــارة.
وقد طرح التحقيب الثلاثي الأوربي جدالا - و لازال- بين الباحثين في الحقل التاريخي، وخاصة المنتمين منهم إلى العالم الثالث، في أفق تجاوز هذا التحقيب الذي يعمق التبعية الثقافية للمركزية الأوربية. وفي هذا الإطار يمكــن إدراج بعض التحقيبات للتاريخ المغربي والتي اقترح العمل بها ، كل من : ذ. عبدلله العروي، و ذ.احمد التوفيق.
1-تحقيب ذ.عبدلله العروي: يقترح تحقيبا لتاريخ المغرب استوحاه من مسار التأليف التاريخي، يتكون من 4 حقـب وهي:
ü الحقبة الأولى: طويلة جدا، ويبدو أثناءها المغرب كمجال لمبادرات الغير. فلا نراه إلا من خلال فاتحيه الأجانب، ويقترح أن يكون نهايتها أواسط القرن8 م .
ü الحقبة الثانية: تبدأ باعتناق الدعوة الخارجية، وخلالها تحرر المغرب من التبعيةوأخذ زمام المبادرة التاريخية. وتمتد حتى بداية ظهور الخطر الأجنبي خلال القرن 16.
ü الحقبة الثالثة : نما خلالها الخطر الأجنبي، واستمرت حتى بداية ق 19 .
ü الحقبة الرابعة : بدأت انطلاقا من ق 19 ، عندما أخذ الأوربيون يكتبون في تاريخ المغرب وتصدى لهــــم المغاربة بالنفي والتفنيذ.
وقد أضاف ، في فترة لاحقة، تحقيبا آخر يقل عن قرن من الزمن ،يمتد من 1930 إلى الثمانينيات من ق20، وهي فترة تنتمي ، حسب رأيه، إلى " التاريخ الآني/ الفوري " Histoire Immédiate . وقد اقترح تقسيم هذه الفترة إلى5 حقب وهي:
v الحقبة الأولى: من1930إلى 1944 .( من تاريخ صدور الظهير البربري إلى تاريخ تقديم وثيقة الاستقلال).
v الحقبة الثانية: 1944 –1955 (من وثيقة الاستقلال إلى نهاية الحماية الفرنسية والاعتراف باستقلال المغرب).
v الحقبة الثالثة: من 1955 إلى 1961 تاريخ نهاية عهد السلطان محمد الخامس.
v الحقبة الرابعة: من 1962 إلى 1975 تاريخ المسيرة الخضراء.
v الحقبة الخامسة: من 1975 إلى الثمانينيات.
2-تحقيب ذ.أحمد التوفيق: في إطار اهتمامه بتاريخ المغرب خلال القرن 19، اقترح حدودا اصطلاحية على مستوى التاريخ الفعلي للبنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكريةأو للأحداث الخارجية التي لها تأثير فعلي على مســار تاريخ الأمة، فوضع لهذا القرن الحدود الآتية :
ü حـدود قصوى: 1782-1912.
ü حدود متوسطة: 1822-1912، أو من 1830 إلى 1912.
ü حـدود دنيـا: 1844-1900.
وعموما ، إن إقدام مؤرخ على اقتراح حدود تحقيبه يعتمد ، في الغالب، على عنصرين هما: العنصر الأثري ، وهــو الوثيقة، ثم العنصر التفسيري، ويتمثل في تقديره لأهمية وقائع معينة تبرر ذلك الاقتراح .
وللتحقيب أهمية كبيرة، سواء على مستوى البحث التاريخي أو الممارسة الديداكتيكية، يمكن حصرها فيما يلي :
§ التحقيب عملية لصيقة بالممارسة التاريخية نفسها ، فهي تفيد المؤرخ في عملية البناء التاريخي، كما تفيده في عملية التفسير، بـل هناك من يذهب إلى حد اختزال الممارسة التاريخية كلها في مهمة التحقيب.
§ يساعد على البحث عن القوانين التي تحكم الظواهر التاريخية ، وله صلة وطيدة بمبدإ السببية الذي يعبر عن أهم مبادىء العمل التاريخي.
§ يعتبر الإطار الضروري لترتيب المواد وتقديم مشروع يساعد على الفهم السياسي والإجتماعي بالنسبة للمؤرخ.
§ يساعد المؤرخ على تعيين حدود بحثه، ويوفر له أداة فكرية تسهل عليه حصر اهتمامه في فترة زمنية محددة، تحول دون امتداد بحثه إلى فترات غير مناسبة.
§ يسهل مقاربة التاريخ ، لكون مقاربة التاريخ دفعة واحدة صعبة المنال.
§ يسهل إعطاء تصور واتجاه معين للزمن، وتبيان ما حصل في هذا الزمن من تراكم أو تراجع أو تكرار.
للمزيد من الإطلاع ، يمكن الرجوع إلى :
1- أحمد التوفيق، أفكار في التحقيب، المشروع، عدد9، 1988 ، ص،ص13-26.
2- عبدلله العروي، مجمل تاريخ المغرب،مطبعة المعارف الجديدة،الرباط، 1984.
3- = = ، مفهوم التاريخ ،جـزآن ، المركز الثقافي العربي، بيروت –البيضاء 1992.
4- = = = ، ثقافتنا في ضوء التاريخ، المركز الثقافي العربي، البيضاء، 1984.
5-محمد أولمدن، وآخرون ،إشكالية التحقيب في التاريخ: نموذج تحقيب تاريخ المغرب" عرض في مادة تعميق التخصص، تحت إشراف "تامر البشير"، م.ت.م.ت.ث ،الرباط ،موسم1988-1989.
6- طريف الخالدي، بحث في مفهوم التاريخ ومنهجه، دار الطليعة، بيروت، ط1، 1980.
7- قاسم عبده قاسم، تطور مناهج البحث في الدراسات التاريخية، عالم الفكر، مجلد 20، ع 1 1989.
8- مسعود ظاهر، بروديل والنظرية المتوسطية، الفكر العربي المعاصر، ع 43، .1987
9- محمد مصادي :مقاربة أولية لدراسة وقياس تشكيل ونمو مفاهيم زمنية لذى عينة من تلاميذ المدرسة الابتدائية ( نموذج السنة الثالثة والخامسة ). بحث لنيل دبلوم مفتش التعليم الثانوي،تحث إشراف الأستاذ بشير التامر وعبدالله آيت الخيار،موسم 1987-1988.
10- J.Alvarez, et autres, Construire l’histoire, Collection Didactique, Bertrand Lacoste, CRDP Midi- Pyrénéés, 1994.
11- P.Veyne, écrit Comment on l’histoire, Ed Seuil, Paris, 1971.
12- H.I.Marrou, De la connaissance historique,Ed.Seuil, coll.Point, 1954.
13- Guy Bourdé et Hervé Martin, Les écoles historiques, Ed Seuil, coll.Point, 1989.
0 التعليقات:
إرسال تعليق