عن أهمية الوثائق يقول الباحث والمؤرخ / فائز بن موسى البدراني : [ تعدالوثائق المكتوبة هي المصدر الأول لأيّ بحث تاريخي، بل هي شاهد العيَانالذي ينقل تفاصيل الحدَث التاريخي بزمانه ومكانه وأشخاصه وجزئياتهفالوثيقة هي تسجيل ثابت للحدث ساعة حدوثه بما يحفظ تفصيلات الموضوعويحميها من عوامل التغيير والزيادة أو النقص الذي يطرأ نتيجة لتبَدُّلالأفكار والتوجهات وتأولات المتأخرين وتحريفاتهم إمّا قصداً نتيجة الأهواءالشخصية أو بدون قصد نتيجة الجهل أو نتيجة النسيان الذي هو من طبيعة النفسالبشرية وقد نبـّه القرآن الكريم إلى أهمية الكتابة والتوثيق في حيَاةالانسان في عدّة مواضع منها قوله تعالى : { يَا أيُّها الذين آمَنوا إذاتداينتم بدَيْن إلى أجلٍ مسَمَّى فاكتبوه ولْـيَكتب بينكم كاتبُ بالعدل ... إلى قوله تعالى : ولا تسْأمُوا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجَلهذلكم أقسَطُ عند الله، وأقوَم للشهادة، وأدنى أن لا ترتابوا ... } [ الآيةرقم : 282 سورة البقرة ] وبالنسبة لتعريف الوثيقة فيقول د . عبدالله الحجيلي مؤلف كتاب " علمالتوثيق الشرعي " : [ اختلف علماء التوثيق المعاصرون في تعريف الوثيقةبمعيارها التاريخي وهذه بعض التعريفات التي ذكرها بعض علماء الغرب :- - 1عرفها الألماني " مولر " بقوله : ( كل ما هو مكتوب أو مرسوم أو مطبوع،والذي يصدر أو يستلم من أي دائرة أو مؤسسة رسمية، والذي تقرر الاحتفاظ بهلأهميته وفائدته لتلك الدائرة( - 2عرفها الإيطالي " يوجينو " بقوله : ( التجميع المنظم للوثائق الناتجةعن فعاليات الدوائر والمؤسسات أو الأشخاص، والتي تقرر حفظها لأهميتهاالسياسية أو القانونية أو الشرعية لتلك الدائرة أو الشخص( - 3عرفها الألماني " أودلف برنيكه " بقوله : ( كافة الأوراق والسجلات التيوجدت وتجمعت خلال الأعمال القانونية أو الرسمية للمؤسسات الحكومية والتيتقرر حفظها بصورة دائمة في مكان معين كمصدر إثبات للماضي ) وهذه تعريفات ذكرها بعض علماء العرب عن علم الوثائق " الدبلوماتيك التاريخية والقانونية " :- - 1عرفها الأستاذ / الموسوي بقوله : ( هي الوثيقة العامة المتعلقة بأعمالجهاز إداري رسمي أو غير رسمي " حكومي أو غير حكومي " أو فرد أو جمعية،والتي انتهى العمل منها بحيث يمكن الرجوع إليها مستقبلاً، وتحفظ بطرق خاصةلغرض صيانتها والمحافظة عليها، ولها قيمة تاريخية أو أهمية قانونية، أومالية، أو إدارية ( - 2عرفها د . محمد ماهر حمادة بقوله : ( صك يحتوي على معلومات تصدرها هيئةرسمية معترف بها . ومعترف لها بالحق في إصدار تلك الأشياء . ويحمل منالسمات العائدة إلى تلك الهيئة ما يمكن الاطمئنان إلى صحة صدورها عن تلكالهيئة لقطع دابر التزوير ( - 3عرفت / سلوى ميلاد الوثائق العامة بقولها : ( مكتوبات بطريقة وشكل محددومعين صدرت عن سلطة عامة أو شخصية معنوية من السلطة العامة بصفتها الوظيفةالعامة ) أما الوثيقة القانونية " الدبلوماتيكية " فعرفتها بقولها : ( مكتوب كدليل قانوني يحتوي فعلاً أو تصرفاً قانونياً صادر بإدارة المتصرفأو المتصرفين(] ودون الخوض في البحث عن تعريف نهائي وموحد للوثيقة أو لتحديد أنواعالوثائق قديماً وحديثاً، فقد رأينا أن نستطلع آراء عدد من الباحثينوالمهتمين في مجال التوثيق والوثائق حول أهمية الوثائق ودورها في كتابةتاريخنا ومعرفة مدى مصداقية الوثيقة من خلال عدد من الأسئلة والاستفساراتالمطروحة في الحوار التالي :- • ما مدى أهمية الوثيقة كمصدر من مصادر تاريخنا المحلي ؟ • هل يعد التاريخ العربي بشكل عام تاريخاً موثقاً أم تاريخاً غير موثق ؟ • هل ترى أن وثائقنا المحلية حظيت بالعناية الكافية من حيث المحافظة عليها والاستفادة منها ؟ • هل ترى أن الجهات الرسمية قد قامت بواجبها نحو مسؤولية أرشفة الوثائق وصيانتها وإتاحتها للباحثين ؟ • هل ترى أن مؤرخينا الرواد كالشيخ / حمد الجاسر، و / عبدالقدوس الأنصاري وجيلهم، قد اعتمدوا على الوثائق في أبحاثهم التاريخية ؟ • هل ترى أن باحثينا المعاصرين قد خدموا وثائقنا المحلية بالتحقيق والنشر ؟ • أيهما أهم في نظرك : الوثائق المحلية أم الخارجية لمن يريد أن يكتب في موضوع محلي ؟ • هل تعتقد أن الوثائق المحلية متوفرة بغزارة لدى الأهالي في بلادنا ؟ • هل ترى أن الجهات المتخصصة في جمع الوثائق وحفظها قد يسرت إتاحتهاللباحثين، أم أنها وضعت الكثير من العراقيل الرقابية التي حدت من فائدتها ؟ • لو ورد في الوثائق ما يخالف بعض الروايات والمعلومات المتداولة عندنا، فهل تقبل تصحيح الوثيقة أم ترفضه ؟ وكتب الأستاذ / نايف الوسمي وفقه الله وحفظه : نقطع البلاد من شرقها إلى غربها للبحث عن وثيقة :- نشرت صحيفة اليوم لعددها في يوم الجمعة الموافق 13/6/1425هـ حوار أجراهالصحفي / عبدالعزيز المطيري مع الباحث المعروف / نايف الوسمي :- الحديث عن الوثائق التاريخية والعناية بها، حديث ذو شجون، فعلى الرغم منتطور الوسائل الحديثة ودخول التكنلوجيا في جميع الحقول إلا أن هذا الجانببالتحديد لم يلق الاهتمام الكافي به لكي يستطيع الباحثون الاستفادة منالوثائق والتعامل معها بطريقة تمكنهم من تطوير بحوثهم في هذا الجانب . ولعل الباحث المستقل هو المتضرر الأكبر من عدم وجود عناية كافية بالوثائقأينما وجدت . ويعد / نايف الوسمي من القلائل المهتمين بالبحث في هذا العلمالواسع، والذي يحتاج إلى تسليط الضوء عليه نظراً لندرة الكتابة حول هذاالموضوع . وعندما التقينا به حاولنا أن نقترب منه لنسمع منه ونرسم معاناتهوالمعوقات التي يمر بها في طريقه للبحث عن الحقيقة الموجودة في الوثيقة . فعلى سبيل المثال هو يقطع المسافات الطويلة بين شرق البلاد وغربها جنوبهاوشمالها، ويقوم بذلك بشكل مستمر، وقد أمضى قرابة الخمسة عشر عاماً منالترحال . وفي سبيل ذلك يلاقي صعوبات كثيرة دون أن يحظى بأي دعم مادي، وهوالأمر الذي يجعله يخفق في كثير من الأحيان في أن يحصل على ما يريد .. إنهيطالب بالمزيد من الدعم المادي والمعنوي للباحثين في علم الوثائق . سألناه بداية ما سر اهتمامك بالوثائق فقال : لا يوجد هناك سر بالمعنىالمفهوم ولكنني اهتم بجمع الوثائق التي تخص بعض أبناء الجزيرة بوجه عام . إلا أنها أصبحت هواية خلاف اهتمامي بجمعها، مشيراً إلى أن الوثائق علم بحدذاته وعالم مختلف كلياً عما نتعلمه في عصرنا الحالي، فتجد فيها كل ما هومفيد عن العصور الماضية . وعن أهمية الوثائق وأقدمها لديه يقول الوسمي : إن الوثائق القديمة مفيدةفي معرفة تاريخنا . فالوثائق التي حصلت عليها كثير لكن أقدمها غير مؤرخة . إلا أن البحث المستمر والدائم عن أسماء الأشخاص الذين ذكروا فيها اتضحأنها في أواخر عام 975هـ، وهو تاريخ قديم نسبياً في هذا العلم، وتعد هذهمن الوثائق النادرة . ويضيف قائلاً : هناك من يقول إن التدوين لم يكن موجوداً في مراحل سابقة،ولكن من خلال البحث والتحري اتضح لنا أن التدوين كان موجوداً . ويحكي الوسمي أن بعض الوثائق كذبت ما هو سائد في بعض الأمور كأن يقال أنالجهل كان سائداً في عصور مضت بينما بعض الوثائق أثبتت لنا أن هناك منتبرع بكل ماله من أجل تعليم وقراءة سورة الفاتحة، وهو الأمر الذي يكشف مدىاهتمامهم بالتعليم والتنوير، وكذلك عما كتب عن بعض القبائل وبعض أسمائهاالمشهورة فإن بعض الوثائق كشفت اختلافاً في بعض تلك الأسماء . وأضاف الباحث قائلاً : إن الوثائق هي الركيزة الحقيقية التي يعتمد عليهاالباحثون عن الحقيقة، ففيها نجد كل شيء نجهله عن القرون الماضية، وهو ماأكدت عليه الكثير من الوثائق التيحصلنا عليها . مستدركاً قوله لكن بعضالباحثين - وللأسف الشديد - لا يولون عناية لتتبع المصادر ونسبتها إلىمصدرها الحقيقي، بل إن بعضهم يأتون بمصادر شفاهية دون أن يذكروا تلكالمصادر، والحال أن الحقيقة والمصداقية تتطلب ذكر المصدر الشفاهي، وفي هذهالحالة يفترض أن يتحول الكلام عن الوثيقة كورقة إلى الحديث عن علم آخريسمى ( علم الحديث ) وهو متداول في كتب التراث بشكل كبير .. إذ يقولالراوي أو الباحث ( حدثني فلان عن فلان ... ) وأكد الباحث أن بعض الكتابيلتزم بهذا الأمر وهو ما يجب أن يكون عليه الباحث الحقيقي، لكنهم قلة جداً . أما عن المعوقات فقال الوسمي : إنها كثيرة ولكن يمكن إجمالها في أمرين :- الأول : عدم تفهم الناس لأهمية الوثائق، فالكثير منهم يمتلكون وثائق ولكنلجهلهم وتفكيرهم القاصر فانهم يحجمون عن إطلاعنا عليها، فالبعض منهم يعتقدأن إظهار الوثيقة سيسبب أمراً غير محمود العواقب، كأن يكون في بعضهاخلافات قبلية أو ما شابه ذلك . الثاني : عدم وجود الدعم المادي والمعنوي للباحثين، وهذا الأمر جعل بحوثناتقتصر على جوانب معينة فقط، لعدم مقدرتنا على الحصول على قدر أكبر منالوثائق المهمة، والتي نعتقد في ظل الدعم المادي سواء من أصحاب رؤوسالأموال أو من الجهات الحكومية ذات الشأن . وفيما إذا كان يفكر في إصدار كتاب حول هذا الموضوع قال هناك نية بالفعللإصدار كتاب، لكنه لم يبين فيما إذا كان قد أنجز هذا الكتاب أم لا، مشيراًإلى أنه يتحدث عن الوثائق .. صورة الوثيقة وكيفية إعادة قراءتها مع توضيحالأعلام والأماكن والمفردات غير المعروفة لدى الكثيرين في عصرنا الراهن .
0 التعليقات:
إرسال تعليق