مدونة التراث أكادير : افتتاح الموقع الرسمي انتظروا منا الأفظل والأجمل والأرقى إنشاء الله www.igoudar-ibnouzohr.ma(مع تحياتي المشرف العام عبد الغني أيت الفقير)

راديو إيكودار24ساعة 7 أيام

راديو إيكودار()() تحية طيبة لكل متتبعي راديو إيكودار الأربعاء 06 نونبر2013 سنة هجرية سعيدة وتحية طيبة من الطاقم التقني لراديو إيكودار

الأحد، 13 مايو 2012

عادات وتقاليد أيت أونير وأيت ولال




 
أ‌-     عادات رأس السنة الأمازيغية ( التقويم الفلاحي المغربي)[1]
إذا كان التقويم الميلادي، قد ابتدأ مع ميلاد المسيح عليه السلام ،والتقويم الهجري قد ابتدأ مع هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم،  من مكة إلى المدينة فإن التقويم الأمازيغي قد ابتدأ مع حدث تاريخي هام، يتمثل في انتصار الملك الأمازيغي "شيشونغ" ،على الفراعنة في فترة حكم رمسيس الثاني، وذلك قبل سنة 950 سنة
من بداية استعمال التقويم الميلادي إذ كان الفراعنة قبل هذا التاريخ ينظمون هجمات متكررة على بلا د الأمازيغ، للاستيلاء على خيراتهم ونهب ثرواتهم .
يعتبر التقويم الأمازيغي، من بين أقدم التقويمات التي استعملها البشر على مر العصور إذ استعمله الأمازيغ مند القدم، وبخلاف التقويم الميلادي والهجري فإن التقويم الأمازيغي لم يكن مرتبطا بأي حادث ديني أو تعبدي. بل كان مرتبطا بحدث تاريخي فبعد انتصارهم على الفراعنة دأب الأمازيغ على الاحتفال كل سنة بذكرى هذا الانتصار التاريخي، واعتبروا يوم الانتصار رأس كل سنة جديدة، وتشير بعض الدراسات إلى أن التقويم الأمازيغي مرتبط بالطبيعة، إذ يعتبر بعض الباحثين أن أول يوم في السنة الأمازيغية، هو يوم يفصل بين فترتين، فترة البرد القارس وفترة الإعتدال، كما يعتبر البداية السنوية لإنجاز الحقيقي للأشغال الفلاحية (من هنا تسمية اليوم الأول من السنة الأمازيغية برأس السنة الفلاحية ).
ويعتبرون أن احتفال الأمازيغ برأس السنة كل سنة يؤكد على ارتباطهم بالأرض التي عشقوها دوما ويكرس فهمهم الخاص، للحياة إذ الملاحظ أن القاسم المشترك بين مختلف العادات والطقوس، التي تقام خلال رأس السنة الجديدة هو ارتباطها بالأنشطة الفلاحية، من زراعة وغرس للأشجار، وتربية الماشية مما يعكس علاقة هذا اليوم بانطلاق الموسم الفلاحي، وحضور التبرك والإستبشار بموسم فلاحي جيد يجلب الخير والرخاء للجميع.
ورغم قلة الأبحاث والدراسات، التي أنجزت حول هذا الموضوع ومهما يكن أصل هذا الإهتمام فإن الأمازيغ، اعتبروا ولا زالوا يعتبرون رأس كل سنة أمازيغية جديدة يوما متميزا، في حياتهم فهو يمثل نهاية مرحلة والشروع في مرحلة جديدة يأملون أن تكون أفضل من سابقتها، لذلك دأبوا على الإحتفال بحلول كل سنة جديدة وذلك في الفاتح من شهر " ين أيور " الذي يصادف 13 يناير من السنة الميلادية ولا زال العديد من الأمازيغ عبر مختلف بلدان شمال إفريقيا يحتفلون برأس السنة الأمازيغية .
الشهر الأول في السنة الأمازيغية يسمى "ين أيور" وهي كلمة مركبة من "ين" أي واحد و" يور" أي الشهر أما اليوم الأول يسمى "إغف نسكاس"، أي رأس السنة وأما ليلة السنة الجديدة تسمى " يض ن أسكاس "، وهي كلمة مركبة  من "يض" وتعني الليلة، وأسكاس وتعني السنة ، ويطلق عليها كذلك " أداف اسكس " أي دخول السنة الجديدة ،أو "يض ن نير" أي ليلة يناير [2] . وتختلف طقوس وعادات وتقاليد الإحتفال، بالسنة الأمازيغية داخل بلدان شمال إفريقيا، من منطقة إلى أخرى بل نجد أن هذه العادات، والتقاليد تختلف حسب الجهات المكونة، لبلد واحد ففي المغرب ورغم اختلاف الإحتفال من منطقة إلى أخرى، نجد هناك تقليد مشترك بين جميع المناطق ويتمثل في قيام النساء في اليوم الأخير، من السنة المقبلة على نهايتها على إعداد وجبات أكل خاصة تتفاوت مكوناتها من جهة إلى أخرى.
ففي قبائل أيت أونير وأيت ولال وأيت عطا عامة تقوم النساء، بإعداد طبق كسكس يسقى من مرق مكون من لحم، وسبع خضر أو أكثر ويضعن نوى تمر واحد ويعتقدون أن من يجد هذه النوى أثناء الأكل، سيكون سعيدا ويعتبر المحظوظ والمبارك فيه خلال السنة، أو يسمونه "باب نتكمي" أو "باب الخزين" أي صاحب المفتاح، والمسؤول عن مخزون المنزل سواء كان رجل أو إمراة ومن الأقوال المأثورة أيضا عن سكان هذه القبائل، أن من لم يشبع من الطعام في ليلة رأس السنة فإن الجوع سيطارده طيلة تلك السنة، ومن جملة من المعتقدات كذلك انه إذا أمطرت السماء في  تلك الليلة، أوفي اليوم الأول من السنة الجديدة فإن الأمطار ستنزل بغزارة خلال هذه السنة، وسيكون الموسم الفلاحي جيدا أو تكون المحاصيل الزراعية مهمة .
ب‌-              عادات وتقاليد العرس عند خمس أيت أنير وأيت ولال [3]
إذا كانت قبائل أيت عطا بجل أخماسها الخمسة تجمعها قواسم مشتركة في حياتها العامة ، فإننا نجد تباينات واختلافات طفيفة في عادتها وتقاليدها، وكذا لباسها وحتى في لغتها المحلية، وهذا الإختلاف ماهو إلا مرآة لغنى الثقافة العطاوية. وهنا سنحاول سرد مميزات لعرس " تمغرا " كما تسمى محليا عند قبائل الخمس الأول وخاصة فرع أيت أونير .
يعتبر العرس من التقاليد والعادات العامة الأكثر اعتمادا في كل الشعوب والأمم وقد نعرفه بمجموعة من أشكال الإحتفال والطقوس الممارسة أثناء كل حفل زفاف، و هو بالتالي جسر يفعل بين مرحلتين مهمتين وأساسيتين في حياة الفرد مرحلة العزوبة واللامبالاة، وعدم تحمل المسؤولية وكذا البراءة، ومرحلة تنقلب فيها المفاهيم حيث يصبح الإنسان مسؤولا عن نفسه وأسرته وكذا مجتمعه بشكل عام .
وإذا كان الإحتفال بهذا الحدث الإجتماعي المهم، يختلف من مجتمع إلى آخر ومن قبيلة إلى أخرى، فإن طريقة الإحتفال عند أيت أونير وأيت ولال، له مميزات خاصة منبثقة من العرف العطاوي بشكل عام، إلا انه لأسف الشديد أصبحنا نلاحظ في السنوات الأخيرة طقوس وعادات غريبة عن مجتمعنا التقليدي نتيجة التأثير والتقليد بخلفيات الحضارة العربية والغربية. وقبل أن أتطرق على هذه التغيرات الداخلية على العرس المحلي سنحاول إبراز الأشواط التي يقطعها العرس عند هذه القبائل من بدايته حتى نهايته ويمكن حصرها في :
-    توترا ( الخطوبة ).
-    أسقيمو.
-    تناكا .
-    امسيفاض.
-    تردا.
أولا " توترا " ( الخطوبة ) عرفت مدونة الأسرة الخطوبة بأنها تواعد رجل وإمرآة على الزواج، وتختلف طقوسها وطرق التعبير عنها وكذا تبادل الهدايا فيها، من قبيلة إلى أخرى بتباين عادتها وأعرافها فعند أيت أنير وأيت ولال تبدأ الخطوبة كخطوة تمهيدية للزواج باختيار الخاطب خطيبته التي يريدها أن تكون شريكة حياته فيعرض رأيه على أبويه الذين يبديان رأيهما في المعينة بالأمر، وكذا في عائلتها وغالبا ما نلاحظ إختلاف الأبوين معا في رأيهما خاصة إذا كانت المقترحة من عائلة احدهما ، وعندما يتفق الجميع على الإقتراح يبعث الخاطب أحد أهله أو أصحابه خاصة الأم لإيصال الخبر الى أهل المخطوبة، الذين بدورهم يناقشون العرض كل واحد برأيه إلى أن يتم الجواب بالرفض أو القبول .
وفي حالة الإيجاب تنطلق الطقوس حيث تذهب عائلة الشاب بشيء من الهدايا  "تمسغورت" تختلف قيمتها حسب الوضعية المادية، وغالبا ما تكون من السكر واللحم والملابس، وبعض لوازم التزين وفاكهة اللوز، هذا الأخير تفرقه أسرة الفتاة على أسر القبيلة إعلانا للرأي العام عن خطبة فتاتهم، وهذا شرف لهم من جهة ولإلغاء الطلبات التي قد تأتي من جهة أخرى .
وما يمكن تسجيله هنا أن العدول عن الخطوبة عند أيت أونير مستبعد إلا في حالة ظروف قاهرة أولا لقيمة الوعد عندهم من جهة ومن جهة خوفا من عواقب عدم الوفاء بالعهد أو ما يسمى محليا ب " أموتل ".
ثانيا " اسقيمو "  وهو اليوم الأول من العرس، ويوم تزين العروس والعريس ويكون الإحتفال الرسمي بهذا الحدث بإرسال العريس نوابا له أو ممثلوه ويسمون ب " إسناين " وعددهم أربعة إلى أهل العروس، مصحوبين بحقيبة تتضمن ملابس العروس وجميع أدوات التزين الأخرى، وكلمة " أسناي " هذه مشتقة من فعل "اسني" أي اركب إذ أنهم هم الذين يتكلفون بمهمة ركوب العروس، وإيصالها إلى بيت الزوجية في اليوم الثاني، كما يتولون مهمة تسيير العرس بشكل جيد أن ليلة هذا اليوم تتميز بتزين العريسين، كما قلت كل واحد في منزله وذلك بمواد وملابس، ومجوهرات محلية خاصة بالعرس، فالعروس يتم تزينها من طرف إمراة تتقن فن التزين شريطة أن تكون من أهلها كخالة، أو العمة مثلا والتزين هنا يواكبه أهازيج محلية أمازيغية " هيرو" ترددها النساء فيما بينهم والتزين يسمى محليا ب "أغمان" حيث نقول " تغمى تسليت " أي تزينت بلباس العرس وعندما تتم طقوس التزيين يعم الإحتفال حيث يلتقي الجميع في مكان إلقاء الشعر المحلي، " أحيدوس" حيث يتنافس الشعراء والفرق على إلقاء قصائدهم في شتى الأشكال، من مدح وهجاء ورثاء إلى غير ذلك، إلى أن تشرق شمس اليوم الثاني حيث يتناول الجميع وجبة الفطور والإستعداد للرحيل إلى بيت العريس .
ثالثا "تناكا " : في صبيحة هذا اليوم وبعد الفطور ينطلق رحيل العروس في موكب من الرجال والنساء ، حيث تتردد النساء أهازيج مخصصة بهذا الحدث تتوسطهم البغلة التي تمتطيها العروس صحبة أحد أفراد أهلها خاصة أخيها، وفي جوانبها نجد أمرآتين من أقربائها كل واحدة تأخذ بإحدى قدمي العروس، حفاظا على سلامتها في حين تسمع أصوات الرجال مرتفعة حيث تعرض جماعة من الرجال يسمون "إقطعن " سبيل الموكب فيعملون على إزعاجهم ومحاولة إرجاعهم وتغير اتجاههم وهذا يعبر عن مدى قيمة العروس التي تعبر عنها اسناين، من خلال استماتتهم وقوتهم ، وبعد تناول وجبة الغداء التي غالبا ما تكون متأخرة ينتقل الجميع إلى ترديد أهازيج أخرى بالمناسبة تسمى " أزنري " تكون بين الرجال والنساء حيث يتم هجاء أم العروس التي تبدي قلقها فتضطر إلى الرحيل صحبة العروس فيتم إرجاعها بمدحها كذلك .
رابعا " تيسى" : في هذا اليوم تظهر بوادر نهاية العرس ،حيث يتم تزين العروس مرة أخرى، كما يظهر العريس أمام الجميع بعد أن احتجبت طيلة الأيام السابقة .
وقبل مغرب الشمس بقليل يحتشد الجميع، صوب ساقية أو منبع عين إذ ينطلق الموكب وفي أوله رجال وشباب، وأطفال ويتبعهم وفد النساء وفي مقدمتهن نجد العروس التي تحمل إناءا " تناست" أو "تاعمورت" مملوءة باللوز وبجانبها نساء قريبات لها من أهلها مرددات أهازيج خاصة بهذا اليوم ويتم الفصل بين الرجال والنساء بقطعة من القصب " أغانيم " إحتراما للنساء عامة ووفد العروس خاصة .
وعند وصول الموكب إلى الساقية، يردد الرجال قصائد خاصة بمناسبة " تيسى" وبمجرد انتهائهم تقوم العروس برمي تلك الكمية من اللوز في الساقية، كما لهذه الفاكهة من قيمة في حياة أيت أنير من جهة ومن جهة ثانية يكون القصد المزيد من المياه في الساقية ، كما يملأ الإناء بالماء ويعود الجميع في جو تسوده أهازيج النساء ومحاورات "إسناين " و " إقطاعن" وبمجرد وصول وفد العروس تقوم هذه الأخيرة برش جميع عتبات المنزل بتلك الكمية من الماء، المصحوبة من الساقية رمزا إلى الخير والبركة. أنداك يبدأ مرة أخرى " أحيدوس" حتى وقت تناول وجبة العشاء ليستمر بعد ذلك إلى وقت متأخر من الليل أو حتى الصباح حسب طاقة الشعراء أو كما يسمون محليا " إفراحن" نسبة إلى الفرح .
خامسا " أمسيفاط " : يعتبر هذا أخر أيام العرس عند ايت اونير وأيت ولال، حيث تجرى مراسيم الحيل بعد وجبة الغداء إذ يتم تزيين العروس باللباس الأخير، ويكشف وجهها بعد أن تم ستره مند اليوم الأول أي " أسقيمو" .
وفي الختام يتبادل الجميع التهاني وعبارات الوداع خاصة بين أهل العروس والعريس ويتم الدعاء بالتوفيق والهناء والسعادة لزوجين.
هذه لمحة وإن كانت بسيطة حول الطقوس والعادات المهمة المتميزة بالعرس عند أيت اونير سابقا لان حاليا وفي السنوات الأخيرة أصبحت هذه العادات كما سبق أن أشارت تضمحل وبشكل سريع وذلك بدخول عادات غريبة تماما عن تقاليدنا الأصلية ومن هذه المتغيرات الداخلية التقليص من مدة العرس حيث كانت قديما محددة في خمسة أيام والآن في يومين فقط، ثم إذا كان تزين العروس والعريس قديما يتم بمواد وملابس تقليدية والآن أصبح يتم بملابس عصرية تقليدا للمجتمعات الشرقية والغربية. تم دخول ما يسمى بالنكافة وخزعبلاتها إلى العرس المحلي. إضافة إلى ترديد أهازيج لا علاقة لها بالفن الشعري المحلي ثم العزوف عن الشعر المميز للقيلة " أحيدوس" خاصة عند فئة المتقدمة في السن، كما نجد تغير وسيلة وكذا طريقة نقل العروس إلى بيت الزوجية إذ أصبحت تنتقل في موكب كبير، يطغى عليه رنين السيارات بعيدا عن الأهازيج المحلي .
ت‌-               الإحتفال بعادة تلغنجى أو تاغنجة :
الأصول القديمة، أن أي شيء من الطبقة يظهر في شكل يثيرالإندهاش الإنسان يعتبر مظهرا مباشرا، أو غير مباشر للقداسة والطبيعة كانت محاط تقديس مند القديم ( جبل - كهوف – أحجار...) والمياه بدورها لا تخرج عن هذه القاعدة سواء على شكل وديان أو عيون أو أبار.
إن القدسية الكامنة في المياه،  تعتبر أمرا طبيعيا خاصة في المناطق الجافة، فلا عجب أن يخلع الناس على المياه القدسية تعبرعما يخالجهم من شعور بواقع ما وراثي يفوق تصوراتهم والأمثلة المرتبطة بعبادة المياه، متعددة وما يهمنا منها الآن الطقوس المتعلقة بطلب الغيث ، فالبعض منها استمر حتى الفترة الحديثة ولكنها درست في الوجهة الأنتروبولوجية أكثر من الوجهة التاريخية .
إننا نجهل في الواقع مدى قدمها ولكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى كونها كانت عبارة عن موكب، أو طواف يتم فيها مغرفة أو اغنجى تغطى بلباس على شكل عروسة ويشارك في هذا الطواف النساء والأطفال في جو من الغناء والإبتهال حيث يرددون أشعارا ومنها " تلغنجى نومن سربي واد ديكان أمان نونزار " بمعنى تلغنجى أمنا بالله الذي أنزل المطر .
حيث يتم طهي العصيدة أي " تكلا" في قدر كبير، وبعد الطهي يتم وضع مرغفة واحدة فوق كل حجرة دون غسلها والسبب هو كون هذه الحجرة بحاجة لماء المطر، وكما نجد كذلك انه يمنع منعا إحضار الماء إلى ذاك المكان الذي يتم فيه الطقوس وغالبا تكون على جنابات الواد ، بل أحيانا في وسطه .
وهذه الطقوس لا نجدها فقط عند قبائل أيت أونير وأيت ولال، أو عامة قبائل أيت عطا فحسب. بل نجدها في العديد من مناطق المغرب، كما تمارس كذلك في كل من الجزائر وتونس [4]، وخاصة في الجنوب وتعرف تحت أسماء مختلفة تاغنجة ، عروسة أنزار " تسليت ن ومان " .
  ج- الإحتفال بيوم عاشورة أو" تعشورت" .
يوم الإحتفال بهذه العادة هو اليوم العاشر من شهر محرم، لما لهذا اليوم من ذكرى عظيمة في التاريخ الإسلامي لأنه يعتبر من الأعياد التي سنها الرسول (ص) وصامه وأمر بصيامه .
ونجد أن الإحتفال بيوم عاشورة في المغرب عامة يكون على مستويين، مخزني ، وشعبي، وكان المرنيون من السباقين الذين استمروا بالإحتفال بعاشوراء، وجرت العادة خلال الإحتفال الرسمي بهذا العيد أن يقوم الخزن بالعناية بأبناء الضعفاء والمساكين بتوزيع الملابس الجديدة والألعاب عليهم. وبرعاية السلطان السعدي أحمد المنصور في القرى كما في البوادي وقد كانت السلطة الدينية تقوم بأعذار أطفال المعوزين، وكان ذلك يتم في حفل بهيج تطغى عليه أنغام الموسيقى الآلية على صراخ الأطفال، وكذلك يتم توزيع عليه مجموعة من الألعاب لإدخال السرور إلى قلوبهم كما تقدم هبات نقدية لدويهم من أجل تعميم الفرحة .
آما على المستوى الشعبي وهذا ما يهمنا وخاصة عند قبائل أيت أونير و أيت ولال العطاوية حيث لا يختلف كثير عن جل القبائل المغربية. إذ نجد القبائل العطاوية تبدأ الإحتفال من ليلة اليوم العاشر، من المحرم حيث يتم تهيء عشاء ( كسكس) بجميع أنواع الخضر والباقي في قدسية أضحية العيد أي " الديالة"، بعد أن يتم المحافظة عليها مدة طويلة أي الفاصلة بين عيد الأضحى وعيد عاشورة. أما في الصباح يتم التبارك بين الأفراد والعائلات بهذا اليوم ثم يقومون بتراشوق الماء بين الجميع، أطفال وشباب، نساء وشيوخ، معتقدين أن ماء بئر زمزم اختلط في هذه المناسبة بماء العيون والساقيات، وأن كل من اغتسل أو تبلل به في هذا اليوم سوف لن يصاب بأي مرض طيلة السنة، وكذلك يتم زيارة قبور أهلهم ودويهم ولذا يسمى هذا اليوم كذلك، بيوم البركة فيه تؤدى الزكاة، ويتم توزيع الهدايا والصدقات على الفقراء والمحتاجين[5].
لكن هذه المظاهر الإحتفالية بهذه المناسبة تقلصت بشكل كبير فأصبح الإحتفال مغاير عن سابقه ، حيث يتم الإحتفال بطرق أخرى إذ تقام الأسواق وخاصة في الأماكن الدنية ( كالزوايا ) وتعرض فيها الملابس الجديدة وألعاب الأطفال فأصبح هذا الموروث الثقافي والديني، يضمحل شيئا فشيئا لأن الكل تنساه إلا بعض العائلات والقليلة هي التي لازالت محافظة بهذا الإرث التاريخي .
  د- عادة " اسكار" oussgar
رغم أننا لم نتمكن من تحديد تاريخ بداية الإحتفال بهذه المناسبة، لكنها لا زالت تمارس إلى اليوم ففي العديد من مناطق الجنوب الشرقي، هذه المناسبة التي تصادف ليلة اليوم الثاني بعد عيد الأضحى، حيث يتم تهيء وجبة العشاء (الكسكس) بالخضر ورأس الخروف الذي تم دبحه يوم العيد ( لحم الرأس )، وبعد تناول العشاء يتم أخد تلك العظام ( جمجمة الخروف ، رجليه ) من طرف أحد أفراد العائلة وخاصة من النساء أو الأطفال فيتم لقاء الجميع في " إيمي نغرم" أي فم القصر، ثم ينطلق الحشد إلى المكان [6] الذي تتم أطوار هذه المناسبة، والذي يكون غالبا قريب من القصر ويتم ترديد أهازيج وزغاريد خاصّة لهذه المناسبة وعلى سبيل المثال :
·       أنكرغ أسكار أديد أريغول ما يخان
·       أعداوينو أد أروزون  تافسكا نيمال
الترجمة :
·       سأرمي تلك العظام ( أسكار) كي لا يعود إلي ماهو سيئ .
·       عدوي أن لا يسلخ أضحية العيد القادم .
وبعد الوصول إلى المكان المخصص، يقوم الحشد وخاصة الأطفال والشباب نساء ورجالا بطواف هذا المكان معتمدين على التنظيم أي أطفال أولا ثم النساء ثم الرجال والشباب وتدم مدة الطواف حوالي ثلاثين دقيقة، أو أكثر بقليل يقوم أحد الشبان بصرخة كبيرة يسمعه الجميع مرددا " هان فنهور " [7] أي ويلكم فنهور ليرحل الجميع عن ذلك المكان، إلى مكان أخر قريب منه وتبدأ الرقصات والأهازيج بأنواع مختلفة وغالبا تكون من أحيدوس وفقط، ويدوم ذلك إلى ساعات متأخرة من الليل .
ليعود الجميع مرديدين أهازيج وزغاريد وتكون مغايرة عن السابقة ( الذهاب) إلى حين الوصول إلى مكان الانطلاق ( فم القصر ) ويتودعون متمنين اللقاء في السنة المقبلة .
   ذ- عادات وتقاليد الأعياد الدنية :
نجد أن الطابع الديني هو العامل المشترك لذا المغاربة جميعا ( دين جميع المسلمين) في هذه الأعياد لكن نجد اختلافا كبير في طرق الاحتفال، فقبائل أيت أونير وأيت ولال العطاوية في هذه المناسبة تتميز بخصوصيات عن غيرها ،من أجل اقتراب أكثر إلى هذه الطقوس عمدنا إلى التركيز على التقاليد التي تتميز بها قبيلة الروي، وقبيلة تونا نعرابن ( قبائل أيت أونير وأيت ولال ). ففي صباح يوم العيد يتم تبادل تهاني بالمناسبة وتبادل الأطعمة ( طعام الفطور والذي في الغالب من تكلا ) بين العائلات والأسر والأهل والأحباب، وبعد الصلاة والرجوع من المصلى يأتي وقت ذبح الأضحية حيث يتم ذلك بطريقة مختلفة عن مناطق أخرى، إذ نجد أن كل أسرة لا تقوم بذبح أضحية لوحدها بل يحضر كل أفراد القبيلة ( أطفال ، شباب ، نساء ، ورجال ) ويتم ذبح أضحية كل أسرة بالتتابع بحضور حشد كبير وتوازيه زغاريد النساء .
هكذا إلى أن يتم ذبح أضحية الجميع، وهذا إن دل إنما يدل على مدى انسجام قبلي تحكمه أواصر المحبة والأخوة المتبادلة . ونجد أن عملية سلخ الأضاحي لا تكون بنفس الطريقة أي بحضور الجميع بل الكل يتكلف بأضحيته.
وفي مساء هذا اليوم بعد الغروب يلتقي الجميع مرة أخرى. لكن هذه المرة في فضاء أخر ولغرض أخر ويكون الإجتماع داخل القصر في مكان خاص وهو " أرحبي " أي البهو من جديد بحضور الجميع ، نساء ورجال وأطفال وشباب فيبدأ طقس احتفالي المتمثل في أحيدوس فتتم المنافسة بين الفرق والكل يصبو أن يكون المتفوق في قصائده ويدوم ذلك إلى وقت معين من الليل وبعد ذلك يتفرق الجميع ولهم موعد في اليوم الموالي والثاني حيث يدوم هذا الإحتفال لمدة ثلاث أيام . نجد أن هذه الطقوس والعادات هي التي تكون سائدة في جميع الأعياد الدنية الأخرى ( الفطر- النبوي ) بغض النظر عن الإختلافات في الطقوس الدينية في جميع الأعياد .
أتمنى في الأخير أننا قد حاولنا الإحاطة بأهم العادات وتقاليد قبائل أيت اونير العطاوية لأننا لا نقدر أن نحيط بجميع ما تتميز به لان البحث في هذا المجال يستحق أكثر مما أعطينا له من البحث ولأن المجال كذلك هو مجال واسع .


     خلاصة المحور :
لقد انطلاقنا في هذا المحور إلى ذكر أهم فروع قبائل أيت أونير وأيت ولال، التي ساهمت بتعددها في إعطاء قوة فعلية وميدانية في المجتمع العطاوي عامة ، ثم أبرزنا شخصيات الحلف التي بدورها لعبت أدوارا كبيرة في خلق تماسك قبلي قوي بين أفراده وجماعته، وتتبعنا البحث في إيجاد أنواع الإتفاقيات والعقود التي أعطت لهذا الحلف قوّة سياسية وحكما ديمقراطيا بين أفراد وجماعات قبائلها وبين القبائل الأخرى والذي جسده النسيج القبلي القوي الذي امتازت به، وختمنا المحور بمحاولة الإحاطة بأهم عادات وتقاليد حلف أيت أونير وأيت ولال .

           استنتاجات :
لقد كان هاجسنا الأول أثناء مراحل هذا البحث هو محاولة الكشف عن الملامح العامة للتطورات الإجتماعية والسياسية التي عرفتها قبائل ايت أونير وأيت ولال مند تأسيس الإتحادية العطاوية إلى دخول الغزو الإستعماري .
من خلال قراءتنا للمصادر الأولية التاريخية العامة، لاحظنا أن مؤلفيها لم يكونوا يركزون في كتاباتهم على التطورات الإجتماعية والسياسية لقبائل العطاوية في المناطق البعيدة عن مركز الدولة، حيث نجد أن تعاملهم مع المنطقة وأحداثها يقتصر فقط على تتبع العمليات الحربية  .
كشفت لنا الوثائق عن الديمقراطية التي كانت قبائل القصور تسير بها الشؤون الداخلية للقصر سواء فيما يتعلق باختيار شيخ القبيلة آو الجماعة ثم اعتبار هذه الوثائق بمثابة الميزة الأساسية التي ساعدت في خلق انسجام قبائل أيت اونير العطاوية مع الأجناس الأخرى في المنطقة  .


  خاتمـــــــــــــــــة :
هكذا نكون قد أحطنا ببعض الجوانب الإجتماعية والسياسية والتنظيمية لقبائل أيت أونير وأيت ولال العطاوية التي يشهد لها التاريخ، على مدى قوتها وفعالية تنظيمها القبلي مساهمة بذلك في تقوية الاتحادية القبلية العطاوية، والتنظيم القبلي بالجنوب الشرقي، في المغرب كما جسدت قوتها كذلك في الساحة من خلال ردع كل مساعي الإستعمار الفرنسي، ومقاومته بكل روح وطنية وهذا الدفاع ليس من أجل الحصول على مكانة أو منصب لتسلق الدواليب السياسية، كما فعلته مجموعة من النخب عبر مسار تاريخ المغرب قبل الحماية وبعدها ، وإنما من أجل الدفاع عن الكرامة الإنسانية وعن الوطنية الحقة، ثم الدفاع عن أرضيها وممتلكاتها وهذا ليس مدحا لهذه القبائل أو الإنقياد معها بل هو واقع جسده المسار التاريخي المنبثق من الشعب وليس من النخب الإستعمارية أو الحاكمة .
وإذا كان هذا التاريخ تاريخا حقيقيا لهذا الشعب، فإنه لا زال يعاني من الطمس والغموض والشمولية، دون أن ننكر إسهامات الكتابات الكولونيالية رغم أنها غير موضوعية أحيانا. والتي احتكرت كتابة تاريخ المغرب بنظرتها القصيرة وتقزيمه لمصالحها .

إعداد الطالب :  أيوب أمال  

   



[1] -  عمر لمعلم عن جريدة إلكترونية "ناس هييس" www.nashess.com
[2] - امحمد عليلوش عن الموقع الإلكتروني www.alillouch.on.ma
[3] - امحمد عليلوش المرجع السابق .
[4] - عمر المحجوبي " المياه والديانات الوثنية في المقاطعات الإفريقية ، المياه والمحيط ملتقى غوان" ، تونس 1984 ص 231 .
[5] - مجلة معلمة المغرب الجزء السادس نقلا عن عمار المحجوبي المرجع السابق 233  .
[6] - هذا المكان المخصص يكون غالبا بئرا  شرط أن لا تتوفر فيه المياه .
[7] -  " فنهور " حسب علمنا هو رمز لحيوان خيالي وأسطوري ضخم الغرض من ذلك هو تخويف الأطفال من اجل إبعادهم عن ذلك المكان .

_________________________________

ملحق الصور



صورة  لأغرم أيت حساين أعمر بأروي (أيت الربع من أيت أونير)

 صورة لقبر دادا عطا ( بمنطقة إلكتاون بدرعة)


 

 
صورة  جبل صاغرو



 
صورة  لنموذج العروسة عند أيت أونير- أيت ولال(النقوب)




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Powered by Blogger