مدونة التراث أكادير : افتتاح الموقع الرسمي انتظروا منا الأفظل والأجمل والأرقى إنشاء الله www.igoudar-ibnouzohr.ma(مع تحياتي المشرف العام عبد الغني أيت الفقير)

راديو إيكودار24ساعة 7 أيام

راديو إيكودار()() تحية طيبة لكل متتبعي راديو إيكودار الأربعاء 06 نونبر2013 سنة هجرية سعيدة وتحية طيبة من الطاقم التقني لراديو إيكودار

الجمعة، 18 مايو 2012

'أكادير ن تيزكي' .. من وظيفة الأمن إلى وظيفة التنمية


'أكادير ن تيزكي' .. من وظيفة الأمن إلى وظيفة التنمية



        تنتشر بجنوب المغرب معالم تاريخية ضاربة في القدم و هي على شكل قلاع و حصون منيعة يرجع تاريخها إلى مئات السنين، بعضها ما زال يقاوم تقلبات الزمن و البعض الآخر استسلم لقدره و لم يبق منه إلا الأطلال.
       تسمى هذه البنايات في اللغة الأمازيغية 'إكودار' و هي جمع لكلمة أكادير بمعنى حصن، و لقد كانت تؤدي أدوارا أمنية و سياسية مهمة في حقب تاريخية ماضية حيث كانت تستعمل كمخازن جماعية للسكان يحفظون فيها أموالهم و قوتهم في أزمنة غاب فيها الأمان و الاستقرار، أما في أزمنة الحروب و القلاقل فتصبح إكودار ملاجئ جماعية يحتمي بها السكان، و كانت هذه المعالم تخضع لبعض القوانين و الأعراف القبلية الصارمة و الصادرة من طرف مجلس يتكون من 6 إلى 10 أفراد يسمى 'إنفلاس'. و عادة ما تبنى هذه البنايات فوق قمم الجبال و في أماكن منتقاة بعناية فائقة، و تكون ذات هندسة معمارية محكمة و منيعة، هي إذن مؤسسات لعبت أدوارا أمنية و سياسية في تاريخ المغرب و يأمل سكان المناطق التي ترتكز بها هذه المعالم أن تلعب أدواراً تنموية بعد أن فقدت أدوارها التاريخية الأصلية، و ذلك بتأهيلها و فتحها أمام الزوار و السياح الأجانب. فهل يعتبر هذا التغيير - في أدوار المخازن الجماعية – طمساُ للهوية التراثية و التفافية أم وجها من أوجه التنمية التي يتغنى بها العالم في الآونة الأخيرة ؟
      نحن بصدد دراسة نموذج حي للمخازن الجماعية بالجنوب المغربي، و يتعلق الأمر بـ 'أكادير ن تيزكي' الذي  يقع  بقبيلة 'أيت ؤبيال' المتواجدة بالمنطقة الجبلية على السفح الجنوبي لجبل سيروا (3305م) بين سلسلة جبال الأطلس الكبير و الأطلس الصغير، و بالضبط بمدشر 'تيزكي' الذي يعتبر الحد الأدنى لقبيلة 'أيت ؤبيال' شمالا في اتجاه جبل سيروا و على بعد 10 كيلومترات من قمته.
      و أقيم هذا المخزن الجماعي على سفح جبلي شديد الانحدار يدعى 'إفري ن تمنصورت' فوق أساس من الحجارة، و للحديث عن تاريخ بناء هذا المخزن الذي يشوبه كثير من الغموض، نظرا لانعدام ثقافة التدوين و التوثيق لدى الساكنة، لابد من الاعتماد على بعض الروايات الشفوية التي يؤكد أغلبها على كون هذا المخزن أقدم مخازن قبيلة 'أيت ؤبيال' و أن تاريخ بناءه يعود إلى ثمانية قرون خلت.
         أما شكل البناية فيصعب تحديده لكونها ملاصقة للمنحدر، حيث يظهر لنا بجلاء من خلال رؤية شاملة للمخزن من بعد، أن البناء مرتكز في جميع المواضع الملائمة لذلك و بالتالي يكون شكل هذا المخزن مغايرا لكل أشكال المخازن الأخرى بالمنطقة، و تجب الإشارة إلى أن 'أكادير ن تيزكي' لم يتعرض لأي عملية تخريب أو سرقة و ما ذلك إلا لموقعه المنيع هذا، الذي أخذت فيه بعين الإعتبار كل العوامل التي ستساعد على بقائه في حالة جيدة لمدة أطول، و كذلك في حفظ المواد المخزنة به لأزمنة طويلة قد تدوم لقرون، لأن المخزن لا يكون مقابلاً لأشعة الشمس بشكل كلي إلا في أوائل شهر يوليوز و من ثم  يكون المناخ داخل البناية بارداً طوال أيام السنة، هذا إضافة إلى استحالة الولوج إليه إلا من جهة واحدة مما لا يستدعي الحاجة إلى تحصينه بواسطة سور أو شيء من هذا القبيل.


       و يتكون هذا المخزن من 96 غرفة (أحانو) تتوزع بشكل متفاوت بين أرجائه كما هو حال الطوابق أيضا التي يتباين عددها من جهة إلى أخرى، إذ نلاحظ ارتفاع شكل البناء في الأماكن التي تسمح بذلك و بالتالي الحصول على عدة طوابق قد تصل أحيانا إلى خمس, وتتقلص في الأماكن التي تصطدم فيها الأسقف مع صخور المنحدر الضخمة, يتوسط المخزن ممر تحيط به غرف خاصة  بالأولياء الصالحين "إحونا ن لشياخ" تودع فيها الصدقات وهي عبارة عن شعير وقمح وغير ذلك من المنتوجات الزراعية.
       اعتمد في بناء هذا المخزن على مواد محلية وبالأخص الحجر الذي تم جلبه من منطقة تسمى "تدرارت" على بعد 4 كيلومترات التي تتوفر على  محاجر ذات طبقات صخرية سهلة القطع تعطي كثلا منتظمة ومتوسطة السمك ذات جودة عالية وسهلة التقصيب, إضافة إلى مادة التراب بنسبة قليلة نظرا لطبيعتها الهشة كمكون للبناء، واقتصر استعمالها فقط في تثبيت الحجارة فيما بينها للحصول على جدران قوية وجعلها أكثر صلابة وديمومة, ويلاحظ من خلال الواجهات الخارجية للجدران ما لقيته من عناية واثقان إذ يتميز مرضوم هذه الجدران بالتناسق بين وحدات الحجارة منتظمة الأبعاد , بخلاف الجدران الداخلية التي لم تحظى بنفس العناية حيث بنيت بأحجار غير منتظمة في الغالب وبشكل اقل إتقانا، علاوة على مادة الخشب التي تعد من المواد الضرورية في بناء أي مخزن جماعي ولقد استخدمت في الأسقف و الأعمدة و أبواب الغرف و الفتحات، و بشكل خـــاص في الأدراج التي تربط بين طوابق البناية و هي عبارة عن جذوع محفورة على شكل درج من خشب الجوز (التسويك) و اللوز، فالأول يستعمل في الأماكن الداخلية التي تكون فيها المساحة الفاصلة بين الغرف قصيرة، و تكون الأدراج في حالة جيدة بعيدا عن العوامل الطبيعية التي تؤثر   سلباً على حالتها، في حين يستخدم خشب اللوز في الأماكن الصعبة و المرتفعة خاصة في الواجهات الخارجية لأنه يقاوم العوامل الطبيعية، دون نسيان الطوب المجفف الذي تقسم به الغرف تفاديا لخلط المواد المخزنة التي تتنوع بين منتوجات فلاحية كالشعير و القمح و التمر المستورد من درعة، و مواد نفيسة كالحلي و النقود (نقود الحسني)، إضافة إلى مواد غذائية  من قبيل السمن و زيت الزيتون  التي تخزن في قدور طينية في أماكن مظلمة لا ينفذ إليها الضوء، و عند الدخول الى بعض الغرف نلاحظ أماكن خاصة لحفظ الحاجيات النفيسة و المهمة كالحلي و الرسوم التي يكتب عليها العقود و الأعراف المنظمة لأكادير؛ و هي عبارة عن حفر صغيرة تسمى 'إسكسال'.
        و لابد من الإشارة بأن كبار شخصيات القبيلة بأكملها كانوا يخزنون محاصيلهم في 'أكادير ن تيزكي' إما عن طريق الإرث أو عن طريق البيع، عند اضطراب الأوضاع  بدوا ويرهم  أو كثرة المحصول السنوي الذي لا تستوعبه مخازنهم، و هذا يدل على التضامن الذي كان بين مداشر هذه القبائل، وهذه بعض أسماء العائلات الكبرى (إنمغورن) التي كانت تخزن بـ 'أكادير ن تيزكي' :
إد آزي . تاكيامت
أيت عبد الله نيد الحاج
اد آمو . أيت سين اد
إد باخسين – أيت الدية
     لاكا دير نظام خاص به وقوانين تنظم معاملاته ، وهذا القانون من وضع أهل القبيلة و يسمى" إنفلاس " ، وكل فرد من أهل القرية ملزم بإتباع القوانين المتفق عليها وإلا سيعرض نفسه لعقوبات صارمة.
    ختاما تجب الإشارة الى أن هذا المخزن الجماعي كغيره من المخازن أصبح مزارا و محط أقبال للسياح الأجانب لا غير رغم تاريخها الضارب في القدم و رغم كل الأدوار التي كانت تقوم بها داخل المجتمع القروي و كونها أحد الرموز الجمالية للتراث القروي، وبذلك تفقد هذه المعالم التاريخية سمتها التراثية التي تضفي على أي تراث صفته المحلية، و باستمرار هذا الإهمال سوف تنقرض جميع هذه المخازن.  
''إرث منسي  هي إكودار ، تستحق أن ينفض عنها غبار النسيان و الإهمال ، لتكتشف الأجيال ما شيده الأجداد''
من إنجاز الطالب:
وهبـي عمـاد
2927027925

1 التعليقات:

Unknown يقول...

موضوع في غاية الأهمية، حيث ان هذه الأماكن غير معروفة لدى الكثير من الناس و منهم أنا شخصيا لم أسمع عن ذلك إلا في بحثك الغني و القدير و الثمين فلك الشكر الجزيل لمجهوداتك التي أصرت على كشف الحقائق و الواقع المغربي و خصيصا الواقع الثراتي الذي يدأ بالتراجع في الآونة الأخيرة...... أهنئك على هذا البحث الغني بالتراث و بمآثر يرجع عمرها لملايين السنين
أسأل الله العلي القدير أن يديم عافيته عليك لتطلعنا بالمزيد في المستقبل القريب,,
بوركت على عملك، و موفق بإذن الله تعالى
أخت سناء

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Powered by Blogger