الموروث الثقافي إقليم كلميم نمزدجا
مــدخـــل :
يعتبر الموروث الثقافي من بين الدعامات الأساسية التي أصبحت العديد من الدول العالم تركز عليها وعيا منها بالأهمية القصوى التي يشكلها الموروث الثقافي في تحقيق التنمية الاقتصادية، حيث أصبح هذا الموروث في صلب اهتمامات هده الدول إلي انخرطت في تأهيل تراثها واستغلاله في تحسين اقتصادياتها والرفع من مداخيلها وتنشيط سياحتها، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية التي لعب التراث الثقافي بها دورا كبيرا وخلق رواجا تجاريا وأساسا قويا لبناء اقتصادها مثل فرنسا ،اسبانيا ،ايطاليا ،تركيا ، اليونان..... هده الأمثلة تعد خير دليل على أن التراث الثقافي لايختزل في بعده الجمالي أو الرمزي وإنما في بعده الاقتصادي وهدا هو الأهم .
لكن وللأسف إذا أردنا ربط ما قلناه بالواقع المغربي فسنرى انه بالرغم من غنى وتنوع الموروث الثقافي المغربي إلا انه يعاني إجحافا كبيرا على أكثر من مستوى فلا هو يحظى بالاهتمام اللائق على مستوى الترميم ،المحافظة ..... ولاهو يقع في صلب المخططات الاقتصادية أو التنموية ،هدا بالرغم من كون التراث الثقافي المغربي يصنف من أغنى أشكال التراث على مستوى العالمي ، هدا الغنى والتنوع راجع إلى تعدد الحضارات والأقوام التي عمرت ولازالت حتى الآن ، إلا أن الواقع الذي يعيشه التراث لايجعله يستفيد من هدا التصنيف، هده الوضعية الغير المشرفة التي يعيشها الموروث الثقافي المغربي جعلت أصوات كثيرة تنادي بإعادة الاعتبار لهدا الكنز الثمين باعتباره عنصرا أساسيا في تقوية الإحساس بالانتماء والتشبث بالهوية . التراث هو لسان التاريخ الذي ينطق بالوقائع والأحداث من خلال ما تبقي من مظاهره وما وصل إلى الأجيال اللاحقة من شدراته لهذا نجد الأمم تعزز تاريخها بمظاهر تراثها ، وتحافظ على معالمها ما أمكن وتعتبره بمثابة كنز يجب الحفاظ والحرص عليه ، لهذا أصبح من المفروض علينا الاهتمام بتراثنا الثقافي الذي يتعرض للاندثار بسبب التخريب ،التشويه سواء عن وعي أو غير وعي .
إن الوعي بأهمية ودور التراث في التنمية لن يتأتى إلا بسياسة متكاملة الجوانب تستحضر في مضمونها ما هو تربوي وثقافي وامني وقانوني بفضلها نستطيع أن نحمي التراث الثقافي ونعمل على تطويره واستغلاله. وعليه فان اعتماد الثقافة من المنظورالإنتاجوي وليس الرمزي هو الرهان المستقبلي للعديد من الجهات المغربية خصوصا تلك التي تعرف تهميشا وتأخر على مستوى التنمية ووعيا منا بأهمية التراث سواء على المستوى الرمزي باعتباره رمز لهويتنا وتاريخنا أو على المستوى التنموي
المبحث الأول تعريـف : التراث
التراث رغم وضوح معناه لغة واصطلاحا فأن الباحث لايكاد يجد له تعريفا واحدا فقد اختلف أهل العلم في تعريفه حتى أصبح كل واحد منهم ينظر إليه من خلال وجهة نظره، وحتى أضحى للتراث تعريفات كثيرة تتعدد بتعدد المجالات التي يستعمل فيها ، فيقال التراث الثقافي ، التراث الطبيعي ....." التراث هو دلك الإرث الذي يتوارثه الخلف عن السلف " [1]وفي ضوء مفهوم آخر مكمل له طالما أغفل وهو "ضرورة الحفاظ عليه وإحياؤه " أي أن تعريف التراث يقتضي بالضرورة أن يشتمل على ذكر دلالة النقل والاستمرار التي هي في صميم معنى التراث لغة واصطلاحا إذ أن شرط التراث هو نقله وتوريثه وإبقاؤه باستمرار ، كما أن مفهوم التراث لايكتمل دون أن يقترن بمفهوم الحفاظ والإحياء وهو لايكون تراثا إلا إذا أحس وارثوه بضرورة التعرف عليه والكشف عنه وحمايته وإحياؤه والإفادة من قوته الكامنة التي لن تبرز إلا على قدر وعيهم بذلك التراث وحرصهم على امتلاك وتحقيق الذات من خلال تواصل الإبداع فيه وتحمل مسؤولية نقله إلى الأجيال القادمة.
ولتوضيح مفهوم التراث الثقافي بشكل جيد لابد من الانتقال من التعميم إلى التخصيص ، حيث ينقسم الموروث الثقافي إلى قسمين :
ü التــــراث المـــــادي:
ويتضمن كل ماهو مادي كالمباني الأثرية وما تكتشفه الحفريات وتضمنه المتاحف ويمكن تصنيفه إلى صنفين:
أ - الآثار الثابتة :
مثل المدن التاريخية والعمائر الدينية والمعالم المعمارية والتحصينات العسكرية ، المدافن...
ب- الآثار المنقولة :
مثل المنحوتات والمواد المنقوشة والمخطوطات والمسكوكات والأدوات الفخارية والخزفية والمنسوجات والأسلحة وأدوات الزينة..... كل المنتوجات الحرفية الأصلية التقليدية.
ü الـــتراث الــــلامادي : وينقسم إلى صنفين :
أ - تراث فكري :
قوامه ما قدمه السابقون من علماء وكتاب ومفكرين ومسؤولين سياسيين كانوا شهودا على عصورهم ومبدعين من خلالها من معارف ، علوم ، فنون أدبية وغيرها .
ب- تراث اجتماعي :
ويشمل كل السلوك والعادات المجتمعية والأمثال والتقاليد ومنظومة القيم الاجتماعية ويشمل:
- الموروثات الشفهية كالحكايات والأمثال والأزجال واللهجات.
- العادات والأزياء وغيرها من التقاليد الاجتماعية.
- الفنون الشعبية كالغناء، الموسيقى، الرقص، الأهازيج ونحو ذلك.
التـــــراث المــــادي
إن الآثار والمعالم التاريخية وفن العمارة تكتسب أهمية خاصة بين مركبات التراث، بحيث يضحى الحديث عن التراث دونها قاصرا فالآثار هي الجانب المادي من التراث ، وتمثل شواهد ملموسة لصراع الإنسان مع بيئته و على مقدار الجهد الذي بدله لتسخير تلك البيئة لخدمته.
Ι-1-الـــتراث المعـمـــاري :
ان اهم ما يميز منطقة وادي نون هو دلك الثرات المعماري الاصيل ،بحيت انعكس التنوع على مستوى العنصر البشري بشكل ايجابي على تنوع المعمار،كما ان خصوصية المجال التي تجمع بين الصحراء،الجبل،،،اترت على تنوع المعمار و المواد المستعمل(الحجر،الطين).
Ι-1-1 المــــآثر الـــتاريخـــــــــية :
ü قـصبة ادعيـسى بأمتضـي :
تعتبر قصبة ادعيسى من أهم المآثر التاريخية بإقليم ﯖلميم هذه المعلمة توجد بقرية أمتضي التي تبعد بحوالي 120 كيلومتر شمال شرق ﯖلميم ، وهي عبارة عن حصن منيع مشيد على قمة جبل مشرف على وادي أمتضي ، ويرجع تاريخ تشييد هذه القصبة إلى القرن 17 م ، لهذا الحصن باب واحد أزقته ضيقة ومنحدرة وتؤدي إلى بيوت متفاوتة الأحجام والتصاميم ، فهناك بيوتا صغيرة وضيقة مكونة من طابق واحد وأخرى من طابقين ، وتقدر هذه البيوت حسب المشرف على الحصن بحوالي 90 بيتا ، وحسب الرواية الشفوية فان كل عائلة من أهل القرية كانت تملك بيتا بهذه القصبة تستعمله للتخزين باعتباره حصن منيع ومؤمن وبه حراس مهمتهم الأساسية هي حماية ثروات أهالي القرية ، هناك أيضا خزانات للمياه المستعملة للشرب وتوريد البهائم أو مايسمى محليا ب " تينوطفيوين" [2]يتضمن الحصن أيضا عددا من الخلايا الخاصة بالنحل ، وفي كل ركن من أركان القصبة الأربعة هناك أبراج عالية تستعمل لمراقبة الأراضي الزراعية وحمايتها من الهجمات الخارجية ، وللوصول إلى هده القلعة شيد السكان مسلكا في الجبل ، إلا ان هذا المسلك ليس سهلا وانعراجاته صعبة وهذا مافسح المجال أمام مالكي الدواب لتنظيم رحلات لفائدة السياح على ظهر الحمير[3] .
هذه المعلمة كانت في الماضي تلعب أدوارا اجتماعية واقتصادية وأمنية أما اليوم فهي تعتبر من المآثر التاريخية التي تستهوي أفواجا هائلة من السياح رغم ماتعانيه من خراب ودمار. نشير هنا انه نظرا لغياب وكالات الأسفار بالمنطقة ونظرا لعدم تسويق هذه المعلمة بشكل جيد تم استغلالها من طرف جهات خارجية حيث يتم استغلالها عبر جولات ورحلات سياحية منظمة من طرف وكالات الأسفار المتواجدة بمدينة اﯖادير.
صور من واجهات مختلفة :
0 التعليقات:
إرسال تعليق