الخطبة عند قبائل هوارة
لموقع الجغرافي :
تقع هوارة وسط سهل سوس الخصب و المشهور بإنتاجه الوفير من البواكر و الحوامض و الفواكه ، و على الطريق الوطنية رقم 10 الرابطة بين مدينة اكادير السياحية و مدينة تاروادنت / مدينة الأصالة و التراث تقع مدينة أولاد تايمة ، حاضرة قبيلة هوارة و المناطق المحيطة بها، مدينة حديثة و متوسطة ساعد في نموها و تطورها موقعها الجغرافي الاستراتيجي و ازدهار القطاع الفلاحي بمنطقتها حتى أضحت ضمن المناطق المغربية التي يعتمد عليها في اقتصاد البلاد ، سواء قيما يتعلق بالتسويق الداخلي و الخارجي و محطة استقطاب لمختلف المواطنين بمختلف أنحاء المملكة .
تشغل أولاد تايمة مساحة تقدر ب 28.5 كيلومتر مربع ، تحدها غربا و جنوبا الجماعة القروية سيدي بوموسى ، شرقا الجماعة القروية سيدي احمد اوعمر و شمالا جماعة اسن ، وقد ارتقت إلى جماعة حضرية على اثر التقسيم الجماعي سنة 1992 ، ويبقى تحديدها على خطوط العرض 23 . 30 ° و خطوط الطول 9 . 13 °
ويرجع أصل تسميتها إلى جذور تاريخية مرتبطة بقرية تايمة بالقرب من المدينة المنورة .كما اشتهر المركز الحضري للأولادتايمة باسم 44 لكونه يبعد 44كلم عن كل من تارودانت واكادير وهو اسم أطلق على المدينة من طرف المستعمر الفرنسي.
وتنتمي المدينة إلى منطقة هوارة تحدها من الشمال المنيزلة و امسكرود ومن الشرق مدينة تارودانت ومن الغرب إقليم اكادير ومن الجنوب منطقة بويكرى ويبلغ عدد سكان منطقة هوارة حوالي 208208نسمة حسب إحصاء 2004.
الوضعية التاريخية والإدارية للمنطقة
أما إذا حولنا البحث في المصادر التاريخية وفي الروايات الشفوية لا نجد ما له دلالة مقنعة. بالنسبة لكلمة أولاد تايمة مصطلح حديث النشأة في حين نجد انه مرتبط ارتباطا وثيقا بكلمة هوارة .
وقد تضارب الباحثون التاريخيون عن أصل قبيلة هوارة فابن خلدون مثلا يربط مجيئهم إلى المغرب بالفتح الإسلامي على يد عقبة بن نافع سنة 61-62هـ . وكذلك بالنزوح المكثف لقبائل بني هلال وبني سليم اليمنية نحو المغرب الأقصى بعد إن كانت تستوطن بلاد برقة وطرابلس التي اعتنقت الإسلام على يد عقبة بن نافع (1). .ومن الباحثين من يرى بان هوارة من قبائل العرب المشهورة وفخد من الجدر الكبير المسمى تاريخيا ب الشبانات نسبة إلى شبانة أخ الحارات وزرارة وحسان حفدة معقل .
أما المختار السويسي فيقول أنها كانت ضمن قبائل الخلط الذين كانوا في جيش "بني مرين" .ولما استحكم السعديون بقاس شتتوا هذا الجيش في أنحاء البلاد ونقلو هوارة من ناحية فاس إلى سوس (2) كما تفيدنا المصادر التاريخية أن قبائل هوارة توزعت فروعها على جل المغرب ففي منطقة طنجة لايزال يرمز إلى تواجدها برج هوارة ، كما امتدت حتى أصيلا .وفي سجل ماسة حيث دخلت مع الصفرية فساهمت في تأسيس الدولة المدرارية ومنها توزعت على روافد ملوية .وقد أشار ابن أبي زرع إلى تواجدهم بفاس إبان الحكم المولى إدريس الثاني حيث أن فاطمة الفهرية قامت بشراء الأرض التي يتواجد عليها جامع القرويين من احد الهواريين ويذكر الإدريسي أن اغمات كانت مقر لسكن أفخاذ هوارة كانت تتشاجر مع السودان .
إلا أن قبائل هوارة لم تعرف استقرارها إلا في عهد المرابطين و الموحدين ، إذ أصبحت تتمركز في نقطتين أساسيتين في المغرب الشرقي و بالتحديد في ناحية كرسيف كنقطة أولى .وسوس كنقطة ثانية ، و هنا سنتخلى عن النقطة الأولى مادامت هوارة سوس هي التي تهمنا .فهذه الأخيرة كان دخولها إلى سوس على يد " علي بن ايدر "الذي قام ضد الموحدين قد تميزت فترة حكم السلطان الحسن الأول بالنسبة لهوارة بنوع من البلبلة وعدم الاستقرار فبمجرد توليه مقاليد الحكم قام بتقسيم المغرب إلى خمس بشاويات منها بشاوية تارودانت التي تدخل ضمنها قبيلة هوارة وعندما قام بأول رحلة إلى سوس عام 1299هـ- 1883م عين على هوارة مجموعة من القواد من بينهم القائد صالح في الحفاية والقائد احمد بن عليوا و القائد حماد في الكفيفات و القائد بن المختار الشريف السباعي في أولاد سعيد والقائد عبد الكريم بومصرف في اولادتايمة .ومما اشتهرت به قبائل هوارة هو تمردها وسلوكها العدائي اتجاه المخزن .هده الفترة التي عرفت بما يسمى " الزواك" خاصة مع ظهور القواد إبان الفترة الاستعمارية وقبلها بقليل أمثال القائد محمد بن حميدان على الكردان .بلعيد بن تالعوسنت ... غير أن حالة الفوضى وعدم الأمن هذه لم يصلح ليعمل على استثبات الأمن داخل المنطقة إلا بعد مجئ القائد الشهير تاريخيا بالمنطقة بوشعيب الزموري سنة 1922م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) ابن خلدون " العبر".ج.6
2) المختار ألسوسي " إيليغ قديما وحديثا" ص 239
وكذلك في عهد الحماية ليعمل على استثبات الأمن داخل المنطقة.فقد عرفت هده الرقعة الجغرافية ازدهارا كبيرا في اقتصادها .حيث كانت تعتمد بالدرجة الأولى على الفلاحة والزراعة وغرس الأشجار.ولما كان لهذه المنطقة هدا التقدم والازدهار فلا بد لها من مركز حضري وتجاري واقتصادي ينضم العلاقات بين الإطراف التي تتكون هذه القبيلة ومنه ،تعتبر اولاد تايمة المركز الحضري لمنطقة هوارة هذا المركز بدأ ينمو منذ الثمانينيات وسبب طهوره كما جاء في كتاب الأستاذ "عثمان هناكا"
و بالرغم من أن أولاد تايمة مركز حيث النشأة فهي تنفرد بأهمية حجم علاقتها الخارجية و إمتدادها ألمجالي و بالرغم كذلك من الدور الإداري الذي يقوم به المركز الحضري أولاد تايمة باعتبار علاقته بباقي الدواوير المحيطة به إلا انه مازال يعتمد نظاما إداريا يتسم بسيادة مفهوم الجماعة الحضرية و هي تابعة إداريا لعمالة تارودانت من خلال مجموعة من الإدارات المختلفة التخصصات فأولاد تايمة إذن مركز حضري حديث النشأة ارتبط ظهوره بالتحولات الفلاحية التي طرأت على وسط سهل سوس منذ الثلاثينيات من القرن الماضي و لقد كانت نشأته الأكيدة بعد الاستقلال وحتى حدود سنة 1952. جماعة حضرية توسعت في السنوات التي تلتها و بالخصوص في الثمانينات حيث ثم التطرق لها في التقسيم الإداري لسنة 1992 (2).
أما بالنسبة للجماعات القروية التي تحيط بأولاد تايمة هناك : "سيدي بوموسى " و " اسن " و سيدي احماد اوعمر " و الكفيفات " و " الكدية البيضاء " و " آهل الرمل " و " سيدي بوموسى " و " مشرع العين " و " الكردان " و " الخنافيف " و " المهادي " و " الدير " حيث تبلغ مساحة الجماعات إضافة إلى المركز الحضري 1031 كلم2.
الخطبة في هوارة
حين يعبر الغمام في السماء فقد يهطل المطر ليخصب النبت والزرع في الأرض البكر الراقدة وقد يعبر مثل سحاب الصيف الذي يبقى دون اثر والخطوبة بالنسبة للزواج مثل الغيم بالنسبة للبراري الواسعة هي مجرد وعد بالخصب قد لايتحقق بفعل الزواج وقد لا يتحقق في حال فسخ احد الطرفين للخطوبة.
هكذا إذا فان كان من الواجب إشهار الزواج كما يقول بعض فقهائنا الأجلاء فان الخطبة لا تستوجب ذلك بالضرورة بل هي مجرد لقاء عائلي بين أهل العريس وأهل العروس تكون نتيجة إصدار ذاك الوعد الغالي .
بيد ان لكل عائلة, بل لكل شعب ولكل حضارة تقاليدها الخاصة في هذا الأول.ففي منطقة هوارة تكتسي الخطبة صبغة خاصة,وان كانت هناك بعض الاختلافات في الطريقة تتم بها الخطبة والتي قد نصادفها بانتقالها من دوار لأخر,فإنها تبقى اختلافات لكنها لا تمس الجوهر,حيث تقوم العائلة وبمجرد لمح سمات النضج على الولد بالبحث عن زوجة ملائمة لابنها,وتسمى هذه العملية ب"التقلاب"بمعنى(التفتيش في إشارة إلى العملية التي تسبق الخطبة الفعلية حيث يكون عائلة الفتى في عملية بحث عن زوجة لابنها)إذ يقال أن الرجل يختار لولده كما يختار لنفسه لان الأب يعتبر زوجة ابنه من الأشخاص الذين هم تحت رعايته ومن ثم فالولد ليس حرا في اختيار زوجته, بحيث إذا رغب في الزواج يلمح بذلك لامه أو لأحد أقربائه من الرجال للتوسط له عند الأب,أما بالنسبة للفتاة فلم تكن تتمتع بأي قدرة من الحرية لاختيار زوج لها أو حتى رفض الزوج المقترح عليها, وذلك تطبيقا للمثل السائد"عمر المكسوب ما يكسب"والزواج يتخذ بعدا اجتماعيا خوفا من انتقال الثروة خارج العائلة,وهكذا يكون الاختيار متجها إلى أفراد الأسرة بالدرجة الأولى حيث يقع الاختيار على ابنة العم أو الخالة أو تتم المصاهرة مع أسرة موازية في المكانة الاجتماعية كما يراعى في الزوجة مدى جديتها في العمل(حادكة).و بعد أن يستقر الرأي على العروسة المستقبلية يقوم آهل العريس بالذهاب إلى بيت أهل العروس وبعد الموافقة المبدئية لأهل الفتاة على طلب أهل الشاب يتم تحديد يوم الخطبة الفعلية أو ما يسمى ب (التعركيبة) وهي المرحلة التي يتم فيها إشهار الخطبة رسميا حيث يتم فيها إشهار الخطبة رسميا حيث يتوجه أهل الزوج محملين بالثمر والحناء والذبيحة, وأيضا حذاء تقليدي (بلغة) ولكل بنات عائلة الخطيبة"شربيل",وفي اليوم نفسه يتم الاتفاق حول المسائل المادية من"مهر" أو ما يسمى في هوارة ب"الدفوع"والذي يتكون غالبا من مقدار مالي متفق عليه من كلا الطرفين لشراء الذبيحة ولوازم العرس, بعدها يتم تحديد يوم عقد النكاح, ويتم إبرام عقد الزواج أو ما يعرف محليا ب "قعط النكاح" إما بإحضار العدلين لمنزل العروس وبحضور الطرف الأخر-العريس-أو باتفاق الطرفين على الذهاب إلى مكتب (العدول) وفي الحالتين معا يقوم العدل بالتأكد من تراضي الطرفين المعنيين (الخاطب و المخطوبة) وقبولهما زوجا وزوجة بحضور أفراد عائلتهما,ويشمل العقد إضافة إلى هوية المعنيين تاريخ ومكان توقيع العقد إضافة إلى الصداق ومقداره,ويختم بتوقيع العدل الساهر على إبرام العقد وبالدعاء لله بان يؤلف بينهما لما يحبه يرضاه.
وبعد الانتهاء من مراسم العقد الذي يعتبر اخرر إجراء قانوني يقوم به الطرفان المعنيان تتفق العائلتان على موعد العرس أو"النهار ديال العرس" كما هو متداول في المنطقة .
وإذا صادفت هذه المدة (أي ما بين العقد والعرس) احد الأعياد الدينية على الخصوص,فان العريس مطالب بتقديم هدايا أكثر للعروس وغالبا ما تكون من ألبسة وذلك في إطار ما يسمى "التملاك".
ومن المقاطع الزجلية المحلية التي تقال في هذه المناسبة.
جيب جيب
ويلا مكاين ما تجيب
جيب الحنا و الزبيب
ولا طجين كيطيب
ولا شهدة(1) مكردة
فطبصيل جديد.
(1)شهدة في اللهجة الهوارية تعني العسل الذي لم يعصر بعد من شمعه
انجاز
MUSTAPHA TCHIG
C.N.E 2926028427
0 التعليقات:
إرسال تعليق