التراث الثقافي لمنطقة طاطا
فن الدرست نموذجا
مقدمة:
تعد طاطا من أجمل واحات باني الأوسط تقع بشعب ينفتح على جبل باني بواد طاطا ‘الذي ينحدر من إداونضيف و تاكموت و إندوزال وتعد من أهم المنافذ لاختراق الأطلس الصغير ’وتقع شمال واحة أقا وعلى ارتفاع أقصاه 900 متر .
وكان لهدا الموضع والموقع اثر كبير في قلة التساقطات بها ’وفي ارتفاع حرارتها لانفتاحها على المجال الصحراوي وقد تصل الحرارة خمسين درجة مئوية .(1)
لا شك أن المعطيات الجغرافية تفرض على هده المنطقة عزلة شاقة كما هو الشأن لباقي واحات باني ويتضح دالك فيما يلي :
تكون سلسلتان جبليتان مهمتان سدا منيحا من الشمال و الشمال الغربي ,أي الأطلسان الكبير و الصغير اللذان يمتدان متوازيين من المحيط الأطلس إلى ما بعد واد زيز شرقا.
و أخيرا يخترق المنطقة جبل باني من الغرب إلى الشرق .وهكذا تشكل هده السلاسل الجبلية حواجز تجعل تواصل واحات باني مع المناطق الأخرى ’وخاصة الشمال ,أمرا في غاية الصعوبة .بيد أن المنطقة ظلت –رغم هده العوائق-على اتصال مع المناطق القريبة و النائية عبر طرق و ممرات تخترق الجبال و الحق أن تاريخ المنطقة وجيوسياستها تحكمت فيها الخصائص أعلاه.
لمحة تاريخية عن منطقة طاطا
عرفت منطقة طاطا تاريخا وحضارة قديمتين إ د استقر بها الإنسان مند القدم قبل أن تبلغ درجة الجفاف التي نراها عليها الآن , إلا أن تاريخها يبقى غامضا و مجهولا .لو لم يبادر إنسانها إلى نقل تلك الحقائق بنقش كل مشاهداته و معتقداته على الصخر.ولتكون نقوشه الصخرية تلك وثائق يعتمد عليها الباحثون لقراءة تاريخه من بعده.بل وتاريخ الأرض الذي يعيش فيها وتعد من بين أقدم نقوش الصخرية على التراب المغربي يعود تاريخها إلى ما بين نهاية العصر الحجري القديم وبداية العصر الحجري الحديث.وتجسد مختلف أوجه الحياة اليومية للإنسان في تلك الفترة .و لمحيطه وظروفه المناخية التي كانت مغايرة لما هو سائد اليوم.
وتفيد الرواية الشفوية أن الإسلام دخل إلى المنطقة من الجنوب وأن اصل العائلات الطاطائية من تامدولت فهل أثرت الاستقرار بهده المدينة زمن الأدارسة ثم انتقلت منها أثناء خرابها خلال القرن 14الى طاطا ؟هدا السؤال يحتاج إلى أدلة يقينية لا نتوفر عليها اليوم
غنى التراث الثقافي للمنطقة أفرز:
ثقافة عالمة رموزها الزوايا و المدارس و ليست قليلة.
ثقافة شفاهية من مظاهرها الغناء الرقص و الأمثال و الحكايات و الطقوس و الشعائر و الاحتفالات فضلا عن ثقافة عمرانية و تنظيمية .
تعريف رقصة أحواش :
يطلق رقصة أحواش و الذي يعني الغناء على الرقص الجماعي بجميع أشكاله بجنوب المغرب خاصة في الأطلس الكبير و الصغير حيث تتموطن القبائل الامازيغية المتحدثة بلفظة تاشلحيت
رقصة أحواش في منطقة طاطا1
فن الدرست:
هو فن المساجلات الشعرية بين كبار "إنضامن "وفي إقليم طاطا له ثلاث نماذج وهي:نموذج طاطا ونموذج غرب باني ونموذج الفيجاء ويؤديه الرجال وله خصوصيات حسب المناطق ففي طاطا مثلا يعتبر باقة من العريس إلى العروس يوم الثلاثاء ولشعره وزن واحد
مميزات رقصةالدرست
1ـ بكثرة الرجال الدين يؤدونها إذ يصلون في بعض الأحيان إلى أكثر من مائة رجل
2ـ تتميز بوصلاتها الأساسية وهي:
وصلة "أمخلف " أي الحوار الشعري. واشتهرت المنطقة بشعراء أكفا ء أمثال المرحوم الحاج رمضان أعلا من و مبارك أزيدا ، محجوب اطاييب
وصلة" امسوس": أي نغمة الرقصة و هي عبارة عن إيماءات جسدية تتعقد كلما كان الإيقاع سريعا وأهمها الارتعاد والانحناء والاستدارة و التلويح والخطو الضرب بالأرجل والتصفيق ،ولهده الحركات رئيسها المحرك لها في كل رقصة كما أن لها دلالتها في حياة السكان فهناك حركات دالة على الطاعة وأخرى دالة على التحدي و الثالثة الاستدراج أو الكر والفر
3ـيرقصتها الدائرية الطويلة النفس
4ـ إيقاعات متعددة على الطبل و الطارة "تالونت"و المزمار تتصاعد في تناغم مع الرقص والغناء إلى مداها
5ـ بطرق تحفيز الراقصين و الشعراء الفريدة لدى النساء بزغاريدهن
6ـبالثياب البيضاء وعمامة وخنجر الفضة
2ـ أهمية الشعر في فن الدر ست
الشعر أو مظهر التعبير بالكلمة الموزونة هو أحب أداة تعبيرية إلى نفوس أبناء المنطقة ,فالفلاح في حقله و الراعي مع قطيعه و المرأة في أشغالها كلهم ينشدون أسايس .وأهم ما يمتاز به هدا الشعر:
أـ أنه شعر مرتجل عموما وليد لحظة الإبداع أمام الجمهور ولهذا فإن الشاعر لابد أن يكون مستوعبا للغته لفظا ومعنى وتركيبا ومتمكنا من القوالب الفنية المعمول بها ودلك بحفظ أشعار من سبقوه و أن يكون عارفا لقضايا مجتمعه ،ذا قدرة على طرحها طرحا فنيا وجريئا في إبداء الرأي .
ب ـ أنه شعر مغنى لأن النغمة هي أداة التأثير التي يصل بها الخطاب إلى القلوب ربها بفرض الشاعر وجوده
ج ـأنه شعر حواري عموما وخصوصا في فن الدرست و الشد وخلال الحوار الشعري ينصب أحد الشعراء نفسه ندا معارضا لشاعر أخر ـ رغم اقتناعه برأيه ـ ودلك لإثراء النقاش وتمكين المستمع من الوقوف على الحقيقة ،الشاعر "بن زيدا"يعرف في قراءة نفسه أن صفات الله لا يتسم بها أحد حينما قال :
لقايد المشنوع ئسوايا واتامان
ئساقيد يان ئكيك ئسموس كلو ولت
نتا تيحصرن اليغ انخ ؤرؤتن وامان
وحينما رد عليه حجوب قائلا :
اونا ئسمغور ربي سوالاناس اوال
ؤراك ئحتاجا ماداس ئتنين نراك
واردف بن زيدا قائلا :
أشان أرد ئتكيز أرت ربي تاركات
ئ والي ؤر ئرين أداك ياف لخالاييق
أدوكان تيريت ئكي س نيت تلكمت اكال
كما قال الحاج رمضان أعلا بمنطقة أديس في أحد الأعراس:
اداخ نكس ئواوال أشكو ترغا تكاتي
مدن كان كولو صابون مش ركانو كاني
ؤر ؤمن مدن سربي مش ئستكا تنيني
اداخ نكس إواغاد أشكو ترغا تكاتي
إلا موكان إتازومن أيور نواضاني
أولا يني لقلب إكوفر سيميكي
خاتمة :
هده نظرة موجزة عن رقصة الدرست في منطقة طاطا وهو جزء من التراث الثقافي المغربي ،الذي يتعرض باستمرار إلى التهميش واللامبالاة كما نجد غياب دراسات معمقة لهدا الفن لدي يجب علينا كالطلبة مسلك التراث عامة وطلبة منطقة طاطا خاصة الاهتمام بهذا الموروث الثقافي.
ملحق الصور
صورة لفرقة إزوران نولت
المراجع المعتمدة
وحات باني العمق التاريخي ومؤهلات التنمية ،منشورات كلية الأدب والعلوم الإنسانية،الطبعة الأولى مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط1999
أرفاك شفيق، معلمة المغرب ، الجزء 17،ص5676
المعطيات والمؤهلات الثقافية بإقليم طاطا: التراث الثقافي ،مندوية وزارة الثقافة ،2004
1 التعليقات:
أهل تعلم أن أول مجموعة أحواش تكونت بطاطا هي فرقة أكادير الهناء
إرسال تعليق