الدقة الهوارية بين الماضي و الحاضر :
تتموقع قبيلة هوارة في الجنوب الشرقي لأكادير تمتد على حوض سوس يحدها من الشمال قبيلتي إداوزيكي و إداوزال ، ومن الشرق أولاد يحيى، ومن الجنوب قبيلتي سندالة وإداومنوا أما من الغرب فنجد مسكينة و كسيمة .
فيما يخص تحديد أصول القبيلة فإننا نجد تضارب آراء المؤرخين، فالمختار السوسي يرجعها إلى قبائل عربية من بني معقل، في حين يدرجها ابن خلدون ضمن القبائل البربرية من بطون البرانس و نظرا لهذا الاختلاف فإننا لم نتوصل إلى تحديد دقيق لأصول قبيلة هوراة .
ونظرا لاختلاف مكونات المجتمع الهواري ( امازيغ ، عرب ) فقد نتج عن هذا المزج بين الثقافتين مجموعة من المظاهر التراثية بالمنطقة التي تعبر عن ماضي القبيلة ومحاولة الحفاظ عن الهوية و الدفاع عن الخاصية و الرمزية الثقافية و نشر إشعاعها الثقافي و الترابي كباقي القبائل .
ومن أبرز المظاهر التراثية التي تختزنها الذاكرة الشعبية لقبيلة هوارة نخص بالذكر الدقة الهوارية التي تنفرد بها المنطقة و هذا ما يدفعنا للتساؤل حول جذور هذه الظاهرة وأهم مكوناتها و مراحلها ؟
ترجع الدقة الهوارية حسب بعض الرويات إلى :
الرواية الأولى : يقال أنه كان في إحدى القرى بمنطقة هوارة أفعى بأحد الحقول ترهب سكان القرية، فاضطروا إلى البحث عن سبيل للقضاء عليها، فقاموا بإحضار "عيساوي" لسحبها بواسطة العزف على المزمار و خلال تمويهه للأفعى أبدت عدة حركات و تموجات تشبه الرقص تماشيا مع العزف مما سهل على العيساوي الانقضاض على رأسها و قتلها. وكتعبير عن خلاص السكان من الأفعى حاولوا تقليدها في رقصهم حيث استلهموا رقصتهم من هذه الواقعة فظلت راسخة في الأذهان .
الرواية الثانية : يحكى أن رجال القبيلة بعد الانتهاء من الموسم الفلاحي يقومون بـ" النزاهة" و ثمر بجانبهم غزال و هي تجري برشاقة فصمموا رقصتهم على هذا المنوال .
تتكون الدقة الهوارية أو الرقصة الهوارية من :
- الحران : هو حسب عبد القادر العبيد في كتابه دراسة اجتماعية حول قبائل هوراة فإنها رقصة نسائية ، لكن حسب ما هو متداول فهي رقصة تجمع بين النساء والرجال تعتمد على الضرب بالأكف و الأرجل أكثر مما تعتمد على الآلات .
- الوناسة : تعتبر من الرقصات التي تشتهر بها منطقة هوارة و تعرف أيضا باللغتة، الميزان، الأفعى، و تتميز بكونها تقام بعد كل موسم فلاحي ذلك من أجل التعبير عن التضامن و التعاون .
وهذا النوع يتم على عكس الحران بالاعتماد على بعض الآلات الخاصة مثل الطارة أكوال " و الناقوس " وكذلك اختلاف رقص النساء و الرجال فالنساء يتميز رقصهم بالهدوء فيما يتميز رقص الرجال بالخفة و السرعة و تمر الوناسة من عدة مراحل :
1- سيدي ضيافين الله : يتم فيها التسليم على الحاضرين كقول " واحنا جينا لا تكولوا ما جينا يا لالة و كذلك لطلب الضيافة من أهل البيت وذلك بقولهم مثلا " واحنا جينا مسلمين و على رب ضيافين الله "
2- اللغطة : يكون خلالها الرقص و الغناء سريعان يقول آه آه آه و تنتهي بالناقوس وعلى نغماته يقفز الرئيس و الشيخة بالتوالي .
3- مرحلة الأداء : خلال هذه المرحلة يلقي الرئيس عدة أشعار و تسمى كذلك بحمادة وفي هذه الأثناء يستمع الجمهور بتمعن شديد ثم بعد ذلك يخرج من الصف شخصان الأول يحمل الطارة و الأخر أكوال و ثلاثة الونايسية و يسمون بالكرارة ( سمو بذلك لاعترافهم لما بأنفسهم) وذلك من أجل ترديد ما يلقيه الرئيس .
4- التقطيعة : عبارة عن إشارة يفهمها الشدادة فيقفون عن الترديد .
5- الركزة : يعود الكرارة إلى أماكنهم ليستمر الرئيس و الشيخة في الرقص مع خروج شخص آخر يمتاز بالرشاقة و الخفة و هذه المرحلة تتميز بالرقص أكثر من الأداء القصائدي و هي الأخرى تنتهي بالتقطيعة .
6- الكلبة : استمرار لمرحلة الركزة حيث يكون الكل يرقص ليبرز عن البراعة في الرقص .
و تختتم الرقصة باتجاه الفرقة برئاسة الرئيس و الشيخة نحو الجمهور.
استنتاجا مما سبق فقد تمكن الهواريون من ابتكار رقصة خاصة بهم تعبر عن انشغالاتهم وحياتهم اليومية إلا أن هذه الرقصة رغم تنوعها عرفت شبه انقراض لرقصة الحران مع استمرار رقصة الوناسة التي لازالت صامدة رغم التحولات التي عرفها المجتمع الهواري .
ونظرا للامبالاة التي يتعرض لها هذا التراث فإنه على وشك الاضمحلال و النسيان خاصة و أن الجيل المعاصر لم يعد يقبل على هذا النوع من الموسيقى و في هذا الصدد لابد من إيجاد حل بديل للمحافظة على الدقة الهوارية .
: من إعداد
Karima laaraj
Houda skiou
1 التعليقات:
ويحكى كذلك ان القبيلة كانت تكلف كل مرة شخص يرعى الغنم. وكلما كانت احدى نساء القبيلة اسمها عائشة ترعى الغنم الا ونقص عددها وكانت تدعي ان الدئب هو من اكلها.فشك اهل القبيلة في كلامها فقاموا بخطة اقامة حفل داخل القبيلة ومن عادة نساء القبيلة الا يرقصن امام الرجال وعندما بدا العزف والغناء خرجت عائشة ترقص وتقفز كما في رقصة هوارة الى ان توارت عن الانظار وبقيت الرقصة معروفة بالمنطقة
إرسال تعليق